للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القُعودُ والوُقوفُ في صَلاةِ التَّطوُّعِ:

أجمعَ العُلماءُ على جَوازِ التَّطوُّعِ قاعِدًا معَ القُدرةِ على القِيامِ؛ لأنَّ التَّطوُّعَ خَيرٌ دائِمٌ، فلو ألزَمنَاهُ القِيامَ يَتعَذَّرُ عليه إدامةُ هذا الخَيرِ (١)، ولأنَّ كَثيرًا من النَّاسِ يَشُقُّ عليهِم طُولَ القِيامِ، فلو وجبَ في التَّطوُّعِ لَتُرِكَ أكثرُه، فسَامَحَ الشَّارِعُ في تَركِ القِيامِ فيه؛ تَرغيبًا في تَكثِيرِه، كما سامَحَ في فِعلِه على الرَّاحِلَةِ في السَّفرِ (٢).

والدَّليلُ على ذلك قولُه : «صَلَاةُ القاعِدِ على النِّصفِ من صَلَاةِ القائِمِ» (٣).

قالَ النَّوويُّ : هذا الحَديثُ مَحمولٌ على صَلاةِ النَّفلِ قاعِدًا مع القُدرةِ على القيامِ، فهذا له نِصفُ ثَوابِ القائِمِ، وأمَّا إذا صلَّى النَّفلَ قاعِدًا لِعَجزِه عن القِيامِ فلا يَنقُصُ ثَوابُه، بل يَكونُ كَثَوابِه قائمًا (٤).

وقد رَوَت عائِشةُ : «أَنَّ رَسولَ اللهِ كانَ يُصلِّي جالسًا، فَيَقرأُ وهو جَالِسٌ، فإذا بَقيَ من قِراءَتِه قَدرُ ما يكونُ ثَلاثينَ أو


(١) «شرحُ مُسلِم» (٦/ ١٠)، و «المجموع» (٣/ ٢٣١)، و «بدائع الصنائعِ» (١/ ٢٩٧)، و «البحر الرائق» (٢/ ٦٧)، و «حاشية الطحطاوي» (١/ ٢٦٥)، و «حليةُ العُلماءِ» (٢/ ١٢٠)، و «المجموع» (٣/ ٢٣٢)، و «فتح الباري» (٢/ ٥٨٥)، و «عُمدَةُ القارِي» (٧/ ١٦٠)، و «درر الحكام» (٢/ ٣٠)، و «نهاية المحتاج» (١/ ٤٧١)، و «نَيلُ الأوطار» (٣/ ٩٩).
(٢) «المغني» (١/ ٤٤٣)، و «إعلامُ الموقِّعِين» (١/ ٣٠٣).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه ابنُ ماجه (١٢٣٠)، وغيرُه.
(٤) «شرح مُسلِم» (٦/ ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>