للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان السَّلَمُ فيها كَيلًا لَزِمَه أخْذُها مع التُّرابِ اليَسيرِ؛ لأنَّه لا تأثيرَ له في المِكيالِ؛ لِحُصولِه في الخَلَلِ الذي بينَ حَبَّاتِ الحِنطةِ، إلا أنْ يَكونَ لِإخراجِه مُؤنةٌ فلا يَلزَمُه أخْذُه، وكذا التَّمرُ لا يَلزَمُه أنْ يأخُذَ فيه الحَشَفَ، فأمَّا أقماعُ التَّمرِ فعليه أنْ يَقبَلَ منها المُلتَصِقَ بالتَّمرِ، ولا يَلزَمُه أنْ يأخُذَه إذا أُخرِجَ منه (١).

وقال ابنُ قُدامةَ : وليس له إلا أقَلُّ ما تَقَعُ عليه الصِّفةُ؛ لأنَّه إذا أسلَمَ إليه ذلك فقد سَلَّمَ إليه ما تَناوَلَه العَقدُ، فبَرِئتْ ذِمَّتُه منه، وعليه أنْ يُسلِمَ إليه الحِنطةَ نَقيَّةً مِنَ التِّبنِ والقَصلِ والشَّعيرِ ونَحوِه مما لا يَتناوَلُه اسمُ الحِنطةِ، وإنْ كان فيه تُرابٌ كَثيرٌ يأخُذُ مَوضِعًا مِنَ المِكيالِ لَم يَجُزْ، وإنْ كان يَسيرًا لا يُؤثِّرُ في المِكيالِ ولا يَعيبُها لَزِمَه أخْذُه، ولا يَلزَمُه أخْذُ التَّمرِ إلا جافًّا، ولا يَلزَمُ أنْ يَتناهى جَفافُه؛ لأنَّه يَقَعُ عليه الاسمُ ولا يَلزَمُه أنْ يَقبَلَ مَعيبًا بحالٍ، ومَتى قبَض المُسلَمَ فيه فوَجَده مَعيبًا فله المُطالَبةُ بالبَدَلِ أو الأرشِ، فهو كالمَبيعِ سَواءٌ (٢).

التَّصرُّفُ في المُسلَمِ فيه قبلَ القَبضِ:

التَّصرُّفُ في المُسلَمِ فيه قبلَ قَبضِه إمَّا أنْ يَكونَ ببَيعٍ أو بغَيرِه، كالشَّرِكةِ والمُرابَحةِ والتَّوليةِ والإقالةِ.

أمَّا البَيعُ فقد اختَلَف الفُقهاءُ: هل يَحِقُّ لِلمُسلِمِ أنْ يَتصرَّفَ في المُسلَمِ فيه قبلَ قَبضِه ببَيعٍ؟ أم لا يَجوزُ له ذلك؟


(١) «الحاوي الكبير» (٥/ ٤١٢، ٤١٣)، و «مختصر المزني» ص (٩٣).
(٢) «المغني» (٤/ ٢٠٤)، و «مطالب أولى النهى» (٣/ ٢١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>