للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولِلإقامةِ شَرائطُ، هي:

الأُولى: نيَّةُ الإِقامةِ:

صرَّحَ الحَنفيةُ بأنَّ نيَّةَ الإِقامةِ أمرٌ لا بدَّ منه. قالَ الكاسانِيُّ: حتى لو دخَلَ مِصرًا، ومكَثَ فيها شَهرًا أو أكثرَ؛ لانتِظارِ القافِلةِ، أو لِحاجةٍ أُخرى، يَقولُ: أَخرُجُ اليومَ أو غَدًا، ولم يَنوِ الإِقامةَ، لا يَصيرُ مُقيمًا، وذلك لإجماعِ الصَّحابةِ ؛ فإنَّه رُويَ عن سَعدِ بنِ أَبي وقَّاصٍ : «أَنَّه أقامَ بقَريةٍ مِنْ قُرى نَيسابُورَ شَهرَينِ، وكانَ يَقصُرُ الصَّلاةَ» (١).

وعنِ ابنِ عمرَ : «أَنَّه أقامَ بأَذرَبِيجانَ شَهرًا، وكانَ يُصلِّي رَكعَتينِ» (٢). وعَن عَلقَمةَ: «أَنَّه أقامَ بخَوارِزمَ سَنتَينِ، وكانَ يَقصُرُ» (٣).


(١) رواه البَيهَقيُّ في المَعرِفة، كما في «نَصب الراية» (٢/ ١٨٥)، و «الدِّراية» للحافظ (١/ ٢١٢) عنِ المِسورِ بنِ مَخرمَةَ قالَ: «كُنا معَ سَعدٍ، يَعنِي ابنَ أَبي وقَّاصٍ، فِي قَريةٍ مِنْ قُرى الشَّامِ، أَربَعينَ لَيلةً، فكُنا نُصلِّي أَربعًا وكانَ يُصلِّي رَكعتَينِ». وأمَّا القَصرُ شَهرَينِ فهو ثَابتٌ من حديثِ أنس، رواه عبد الرزاق في «مُصنَّفه» (٢/ ٥٣٦)، والبَيهَقيُّ في «الكبرى» (٣/ ١٥٢) عن حَفصِ بنِ عُبيدِ الله بن أنسٍ أنَّ أنسًا أقامَ بالشامِ مع عبد الملك بن مَروانَ شَهرَينِ يُصَلِّي رَكعَتينِ، وقالَ النَّوويُّ: وفي سندِه عبدُ الوهَّابِ بنُ عطاءٍ، مُختلَفٌ فيه، وثَّقَه الأَكثرونَ، واحتَجَّ به مسلم في «صَحيحه»، نقَلَه الزَّيلَعيُّ في «نَصب الراية» (٢/ ١٨٥) عن النَّوويَّ وأقرَّه.
(٢) لم أَجدْه هكذا، ورواه البَيهَقيُّ في «الكبرى» (٣/ ١٥٢) عن نافعٍ عنِ ابنِ عمرَ أنَّه قالَ: «أُرِيحَ علَينا الثَّلجُ ونحنُ بأَذرَبيجانَ سِتةَ أَشهُرٍ فِي غَزاةٍ، وكُنا نُصلِّي رَكعتَينِ». وقالَ الحافِظُ في «الدِّراية» (١/ ٢١٢): رواه البَيهَقيُّ بإسنادٍ صحِيح. وقالَ النَّوويُّ: سَنَده على شَرطِ الصَّحيحينِ.
(٣) رواه عبد الرزاق (٢/ ٥٣٦)، وابن أبي شيبة (٢/ ٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>