للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيلَ: إنْ شَرَط الرَّهنَ مُؤقَّتًا، أو رَهَنه يَومًا ويَومًا لا فَسَد الرَّهنُ، وهل يَفسُدُ بسائِرِها على وَجهَيْنِ بِناءً على الشُّروطِ الفاسِدةِ في البَيعِ، ونَصَّ أبو الخَطَّابِ في رُؤوسِ المَسائِلِ على صِحَّتِه، وبه قال أبو حَنيفةَ؛ لأنَّ النَّبيَّ قال: «لا يَغلَقُ الرَّهنُ»، وهو مَشروطٌ فيه شَرطٌ فاسِدٌ، ولَم يُحكَمْ بفَسادِه.

وقيلَ: ما يَنقُصُ حَقَّ المُرتَهَنِ يُبطِلُه وَجهًا واحِدًا، وما لا فعلى وَجهَيْنِ، وهذا مَذهبُ الشافِعيِّ؛ لأنَّ المُرتَهَنَ شُرِطتْ له زيادةٌ لَم تَصحَّ له، فإذا فَسَدتِ الزِّيادةُ لَم يَبطُلْ أصلُ الرَّهنِ (١).

اشتِراطُ المُرتَهَنِ تَملُّكَ الرَّهنِ عندَ عَدَمِ الوَفاءِ:

إنْ شَرَط المُرتَهَنُ على الراهِنِ أنَّه متى حَلَّ الحَقُّ ولَم يُوفِّني فالرَّهنُ لِي بالدَّينِ، أو فهو مَبيعٌ لِي بالدَّينِ الذي عليكَ، فهو شَرطٌ فاسِدٌ باتِّفاقِ أصحابِ المَذاهِبِ الأربعةِ وغَيرِهم.

واستَدَلُّوا على ذلك بقَولِ النَّبيِّ : «لا يَغْلَقُ الرَّهنُ، الرَّهْنُ مِنْ صاحِبِهِ الذي رهَنهُ، لَه غُنْمُهُ وعَلَيْهِ غُرْمُهُ» (٢)، وقد فَسَّرَه جَماهيرُ الفُقهاءِ بهذا.

قال الإمامُ مالِكٌ : وتَفسيرُ ذلك فيما نرى -واللهُ أعلَمُ- أنْ يَرهَنَ الرَّجُلُ الرَّهنَ عندَ الرَّجُلِ بالشَّيءِ وفي الرَّهنِ فَضلٌ على ما رهَن به، فيَقولَ


(١) «المغني» (٤/ ٢٤٨، ٢٤٩،)، و «الكافي» (٢/ ١٦١)، و «الأوسط» (٥/ ٦٨٥).
(٢) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>