ذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ إلى مَشروعيَّةِ صَلاةِ الخَوفِ في حَياةِ النَّبيِّ ﷺ، وبعدَ وَفاتِه، وإلى أنَّها لا تَزالُ مَشروعةً إلى يَومِ القِيامةِ، وقد ثبَتَ ذلك بالكتابِ والسُّنةِ.
أمَّا الكتابُ: فقولُه تَعالى: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ﴾ [النساء: ٢٠]، وخِطابُ النَّبيِّ ﷺ خِطابٌ لأُمَّتِه، ما لم يَقُم دَليلٌ على اختِصاصِه؛ لأنَّ اللهَ تَعالَى أمَرَنا باتِّباعِه بقولِه: ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥٨)﴾ [الأعراف: ١٥٨]، وتَخصيصُه بالخِطابِ لا يَقتَضي تَخصيصَه بالحُكم، كما ثبَتَ بالسُّنةِ القولِيَّةِ، كقولِه ﷺ:«صَلُّوا كما رَأيتُمونِي أُصلِّي»(١)، وهو عامٌّ.
قالَ الإمامُ النَّوويُّ ﵀: صَلاةُ الخَوفِ كانَت في زَمنِ النَّبيِّ ﷺ مَشروعةً لكلِّ أهلِ عَصرِه معه ﷺ، ومُنفرِدينَ عنه، واستَمرَت شَرعيَّتُها إلى الآنَ، وهي مُستمِرَّةٌ لِآخرِ الزَّمانِ. قالَ الشَّيخُ أبو حامِدٍ وسائِرُ أَصحابِنا: وبهذا قالَتِ الأمَّةُ بأَسرِها إلا أبا يُوسفَ والمُزنِيَّ، فقالَ أبو يُوسفَ: كانَت مُختصَةً بالنَّبيِّ ﷺ ومَن يُصلِّي معه، وذهَبَت بوَفاتِه، وقالَ المُزنِيُّ: كانَت ثم نُسخَت في زَمنِ النَّبيِّ ﷺ.