للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ : يَجبُ على الرَّجلِ أنْ يُنفِقَ على وَلدِه وبَهائمِه وزَوجتِه بإجماعِ المُسلمينَ، ونَفقتُه على نَفسِه أوجَبُ عليه (١).

وأما المَعقولُ: فهو أنَّ المَرأةَ مَحبوسةٌ بحَبسِ النكاحِ حقًّا للزوجِ مَمنوعةٌ عن الاكتِسابِ بحَقِّه، فكانَ نَفعُ حَبسِها عائدًا إليهِ، فكانَتْ كِفايتُها عليهِ، كقَولِه : «الخَراجُ بالضَّمانِ»، ولأنها إذا كانَتْ مَحبوسةً بحَبسِه مَمنوعةً عن الخُروجِ للكَسبِ بحَقِّه فلو لم يَكنْ كِفايتُها عليه لَهلَكَتْ، ولهذا جُعلَ للقاضِي رِزقٌ في بَيتِ مالِ المُسلمينَ لحَقِّهم؛ لأنه مَحبوسٌ لجِهتِهم مَمنوعٌ عن الكَسبِ، فجُعلَتْ نَفقتُه في مالِهم وهو بَيتُ المالِ، كذا ههُنا (٢).

شُروطُ وسَببُ وُجوبِ نَفقةِ الزَّوجةِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في سَببِ وُجوبِ نَفقةِ الزوجةِ على زوجِها، هل النَّفقةُ تَجبُ بالعَقدِ وحْدَه وإنْ لم يَدخلْ بها؟ أم لا تَجبُ إلا بالعَقدِ والتَّمكينِ والتَّسليمِ التامِّ؟ على أقوالٍ للفُقهاءِ.

فذهَبَ الحَنفيةُ في المَذهبِ إلى أنَّ سبَبَ وُجوبِ نَفقةِ الزَّوجةِ هو استِحقاقُ الحَبسِ الثابتِ بالنكاحِ للزَّوجِ عليها في عَقدِ الزَّواجِ الصَّحيحِ، لا الفاسِدِ فلا نَفقةَ فيهِ.

وشَرطُ وُجوبِها هو تَسليمُ المَرأةِ نفْسَها إلى الزوجِ وقتَ وُجوبِ التَّسليمِ، والمَقصودُ بالتسليمِ هو التَّخليةُ، وهي أنْ تُخلِّي بينَ نفسِها وبينَ


(١) «مجموع الفتاوى» (٨/ ٥٣٥).
(٢) «بدائع الصنائع» (٤/ ١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>