للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يَأخذُه العامِلُ على الصَّدقاتِ منها هل هو زَكاةٌ أو أُجرةٌ عن عَملِه؟

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما يَأخذُه العامِلُ على الصَّدقاتِ منها، هل هو زَكاةٌ أو أجرُه عن عَملِه؟

فقالَ أبو حَنيفةَ وأحمدُ: هو عن عَملِه وليسَ من الزَّكاةِ؛ لأنَّ ذلك مِنْ مُؤنَتِها فهو كعَلفِها، وقد كانَ النَّبيُّ يَبعثُ على الصَّدقةِ سُعاةً ويُعطيهم عِمالتَهم؛ ولأنَّه لا يَأخذُ من الزَّكاةِ إذا حمَلَ أَصحابُ الأَموالِ زَكاتَهم إلى الإمامِ (١).

وقالَ الشافِعيُّ: هو من الزَّكاةِ؛ لأنَّ النَّبيَّ منَعَ تَوليةَ آلِه على العِمالةِ فرَوى مُسلِمٌ عن عبدِ المُطَّلبِ بنِ رَبيعةَ بنِ الحارِثِ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ قالَ: «اجتَمعَ رَبيعَةُ بنُ الحارِثِ والعَباسُ بنُ عبدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَا: واللهِ لو بَعَثْنَا هذَينِ الْغُلَامَيْنِ، قالا لي وَلِلْفَضْلِ بنِ عَباسٍ، إلى رَسولِ اللَّهِ فكلَّمَاه فأمَّرَهما على هذه الصَّدقاتِ فأَدَّيا ما يُؤدِّي الناسُ وأَصابا ممَّا يُصيبُ الناسُ، قالَ: فبينَما هما في ذلك جاءَ علِيُّ بنُ أبي طالِبٍ فوقَفَ عليهما، فذكَرَا له ذلك، فقال علِيُّ بنُ أبي طالِبٍ: لَا تفْعَلا، فواللَّهِ ما هو بفاعِلٍ، فانْتَحاهُ رَبيعَةُ بنُ الحارِثِ فقالَ: واللهِ ما تَصنعُ هذا إلا نَفاسَةً منك علينا، فواللَّهِ لقد نِلتَ صِهرَ رَسولِ اللَّهِ فما نفِسْناه عليك، قالَ علِيٌّ: أَرسِلوهما، فانْطلَقا واضْطَجعَ علِيٌّ قالَ: فلمَّا صلَّى رَسولُ اللَّهِ الظُّهرَ سبَقْناه إلى الحُجرَةِ فقُمْنا عندَها حتى جاءَ فأخَذَ بآذانِنا


(١) «فتح القدير» (٢/ ٢٦٢، ٢٦٣)، و «ابن عابدين» (٢/ ٣٣٩)، و «المغني» (٦/ ٣٢٦)، و «الإفصاح» (١/ ٣٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>