للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أركانُ المُزارَعةِ:

رُكنُ المُزارَعةِ عندَ الحَنفيَّةِ هو الإيجابُ، والقَبولُ، وهو أنْ يَقولَ صاحِبُ الأرضِ لِلعاملِ: دَفَعتُ إلَيكَ هذه الأرضَ مُزارَعةً بكَذا، ويَقولَ العامِلُ: قَبِلتُ، أو رَضيتُ، أو ما يَدلُّ على قَبولِه ورِضاه، فإذا وُجِدا تَمَّ العَقدُ بَينَهما، أو قالَ الفَلَّاحُ العامِلُ لِصاحِبِ الأرضِ: أعطِني أرضَكَ على وَجْهِ المُزارَعةِ؛ لِأعمَلَ فيها على كَذا، ورَضيَ الآخَرُ، تَنعقِدُ المُزارَعةُ (١).

وقالَ الحَصْكَفيُّ : أركانُها أربَعةٌ: أرضٌ وبَذْرٌ وعَملٌ وبَقَرٌ (٢).

شُروطُ صِحَّةِ المُزارَعةِ:

ذكرَ الفُقهاءُ شُروطًا لِصِحَّةِ المُزارَعةِ، مِنها ما يُشترَطُ في العاقِدَيْنِ؛ فقَدِ اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّه يُشترَطُ في العاقِدَيْنِ في المُساقاةِ والمُزارَعةِ أنْ يَكونا جائِزَيِ التَصرُّفِ؛ لأنَّ كُلًّا مِنهما عَقدُ مُعاوَضةٍ ومُعامَلةٍ على المالِ، فعُدَّ لَها ذلك كالبَيعِ والإجارةِ والقِراضِ.

وأمَّا المَحجورُ عليه لِصِغَرٍ أو جُنونٍ، وكَذا لِسَفَهٍ، عندَ مَنْ يَقولُ بالحَجرِ على السَّفيهِ، فلا يَصحُّ أنْ يُساقَى، ولا أنْ يُزارَعَ؛ لأنَّ العَقلَ شَرطُ أهلِيَّةِ التَصرُّفاتِ، فيَقومُ وَلِيُّهُ عنه بذلك عندَ المَصلَحةِ لِلِاحتِياجِ إلَيه.

وأمَّا البُلوغُ فليسَ بشَرطٍ لِجَوازِ المُزارَعةِ والمُساقاةِ عندَ الحَنفيَّةِ، خِلافًا لِلجُمهورِ، حتى إنَّه تَجوزُ عِندَهم مُزارَعةُ الصَّبيِّ المَأذونِ ومُساقاتُهُ،


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ١٧٦)، و «درر الحكام» (٣/ ٤٩٣).
(٢) «الدر المختار» (٦/ ٢٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>