اتفَقَ الفُقهاءُ على أنَّه يُشترَطُ في النَّاذرِ أنْ يَكونَ مُكلَّفًا فلا يَلزمُ المَجنونَ ولا الصَّغيرَ، فلا يَصحُّ نَذرُ المَجنونِ والصَّبيِّ الذي لا يَعقلُ؛ لأنَّ حُكمَ النَّذرِ وُجوبُ المَنذورِ به، وهما ليسَا مِنْ أَهلِ الوُجوبِ، وكذا الصَّبيُّ العاقلُ لأنَّه ليسَ مِنْ أهلِ وُجوبِ الشَّرائعِ، ألَا تَرى أنَّه لا يَجبُ عليهما شيءٌ مِنْ الشَّرائعِ بإيجابِ الشَّرعِ ابتداءً؟ فكذا بالنَّذرِ إذ الوُجوبُ عندَ وُجودِ الصِّيغةِ مِنْ الأَهلِ في المَحلِّ بإيجابِ الله تَعالى لا بإِيجابِ العَبدِ؛ إذ ليسَ للعَبدِ وِلايةُ الإِيجابِ، وإنَّما الصِّيغةُ عَلمٌ على إِيجابِ اللهِ تَعالى.
إلا أنَّه يُندبُ للصَّغيرِ أنْ يَفيَ به بعدَ البُلوغِ كما صرَّحَ به المالِكيةُ (١).
ثانيًا: أنْ يَكونَ مُختارًا:
اختَلفَ الفُقهاءُ في نَذرِ المُكرَهِ هل يَصحُّ منه أم لا؟
(١) «مواهب الجليل» (٤/ ٤٥٨)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٣٤٦)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٩٢)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ٤٥٤)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٤٢١)، و «بدائع الصنائع» (٨١، ٨٢)، و «روضة الطالبين» (٢/ ٧٤٥)، و «النجم الوهاج» (١٠/ ٩٦)، و «مغني المحتاج» (٦/ ٢٥٣)، و «تحفة المحتاج» (١٢/ ٥، ٦)، و «الإنصاف» (١١/ ١١٧)، و «كشاف القناع» (٦/ ٣٤٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٤٣٨)، و «منار السبيل» (٣/ ٤٣٩).