للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالِكٌ شَيئًا مِنْ ذَلكَ، بَلْ قالَ في مُوطَّئِه: وهذا لَفظُ رِوايتِه قالَ عبدُ اللهِ بنُ يُوسفَ: أحسَنُ ما سَمعتُ في الثُّنيَا في اليَمينِ أنَّها لصاحبِها ما لَم يَقطَعْ كَلامَه، ومَا كانَ نَسقًا يَتبعُ بعضُه بعضًا قبلَ أنْ يَسكُتَ، فإذَا سكَتَ وقطَعَ كَلامَه فَلا ثُنيَا له. انتهى.

ولَم أرَ عن أَحدٍ مِنْ الأئِمةِ قطُّ اشتِراطَ النِّيةِ معَ الشُّروعِ ولا قبلَ الفَراغِ، وإنَّما هذا مِنْ تَصرُّفِ الأَتباعِ (١).

الشرطُ الثانِي: أنْ يَكونَ مَلفُوظًا بلِسانِه لا بقَلبهِ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّه يَشتَرطُ أنْ يَستَثنيَ بلِسانِه ولا يَنفعُه الاستِثناءُ بالقَلبِ، قالَ ابنُ قُدامةَ : في قَولِ عامَّةِ أهلِ العِلمِ منهم الحَسنُ والنَّخَعيُّ ومالكٌ والثَّوريُّ والأَوزاعِيُّ واللَّيثُ والشافِعيُّ وإِسحاقُ وأَبو ثَورٍ وأَبو حَنيفةَ وابنُ المُنذِرِ ولا نَعلَمُ لهم مُخالفًا؛ لأنَّ النَّبيَّ قالَ: «مَنْ حلَفَ فقالَ إنْ شاءَ اللهُ» والقولُ هو النُّطقُ، ولأنَّ اليَمينَ لا تَنعقِدُ بالنِّيةِ فكذلك الاستِثناءُ وقد رُويَ عن أَحمدَ إنْ كانَ مَظلومًا فاستَثنَى في نَفسِه: رَجوتُ أنْ يَجوزَ إذا خافَ على نَفسِه فهذا في حقِّ الخائِفِ؛ لأنَّ يَمينَه غيرُ مُنعقِدةٍ أو لأنَّه بمَنزلةِ المُتأولِ وأما في حقِّ غيرِه فلا (٢).

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ : وقَولُه : «لَو قالَ: «إنْ شاءَ اللهُ» لَم يَحنَثْ» فيهِ إِشارةٌ إلَى أنَّ الاستِثناءَ يَكونُ بالقَولِ ولا تَكفِي فيهِ النيَّةُ، وبهَذا


(١) «إعلام الموقعين» (٤/ ٧٩، ٨٠).
(٢) «المغني» (٩/ ٤١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>