للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمرُ الثالِثُ: الكِتابةُ:

ذهَبَ عامَّةُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابِلةُ إلى أنَّ الوَصيةَ تَنعقدُ بالكِتابةِ، وإنِ اختلَفوا في الإِشهادِ عليها؛ لمَا رَواه نافِعٌ عن ابنِ عُمرَ قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ : «ما حَقُّ امرِئٍ مُسلمٍ له شَيءٌ يُوصي فيه يَبيتُ ليلَتَينِ إلا ووَصيتُه عندَه مَكتوبةٌ»، قالَ ابنُ عُمرَ: ما مَرَّت علَيَّ لَيلةٌ مُذْ سمِعتُ رَسولَ اللهِ قالَ ذلك إلا وعِندي وَصيَّتي (١)، فالصِّيغةُ ما يَدلُّ على مُرادِ الشَّخصِ، وذلك يَحصلُ باللَّفظِ والإِشارةِ والكِتابةِ، ولو كانَت الوَصيةُ لا تَنعقدُ بالكِتابةِ لمَا كانَ هناك فائِدةٌ من الأمرِ بكِتابتِها والحَثِّ عليها، وهو عامٌّ في القادِرِ على النُّطقِ والعاجِزِ عنه؛ لأنَّ لَفظَ «امرِئٍ» نَكرةٌ في سِياقِ النَّفيِ فيَعمُّ.

قالَ ابنُ المُنذرِ : وأَجمَعوا على أنَّ للمُوصي إذا كتَبَ كِتابًا وقرَأَه على الشُّهودِ وأقَرَّ بما فيه أنَّ الشَّهادةَ عليه جائِزةٌ (٢).

قالَ ابنُ عَرفةَ: الصِّيغةُ ما دَلَّ على مَعنى الوَصيةِ، فيَدخلُ اللَّفظُ والكِتابةُ والإِشارةُ (٣).


(١) أخرجه البخاري (٢٧٣٨)، ومسلم (١٦٢٧).
(٢) «الإجماع» (٣٤٢)، و «الأشباه والنظائر» لابن نجيم (٣٤٣)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٤٢١)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٢٣٦)، و «المبدع» (٦/ ٧).
(٣) «المختصر الفقهي» (١٦/ ١٨٧)، ويُنظَر: «شرح مختصر خليل» (٨/ ١٦٩)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٤٨٦)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٤٣٦، ٤٣٧)، و «مواهب الجليل» (٨/ ٣٦٩)، و «عارضة الأحوذي» (٣/ ٣٧٢، ٣٧٣)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٥٢٨)، و «الشرح الصغير» (١١/ ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>