للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستَدلَّ الفُقهاءُ على ذلكَ بقولِ اللهِ تعالَى: ﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا﴾ [الإسراء: ٢٣]، فكانَ بالقَطعِ أغلَظَ وبالنَّهيِ أحَقَّ.

وبقَولِ النبيِّ : «أنتَ ومالُكَ لأبيكَ» (١)، وقولِ النبيِّ : «إنَّ أطيَبَ ما أكَلَ الرَّجلُ مِنْ كَسبِه، وإنَّ ولَدَه مِنْ كَسبِه» (٢)، وفي لَفظٍ: «فكُلُوا مِنْ كَسبِ أولادِكُم»، ولا يَجوزُ قَطعُ الإنسانِ بأخذِ ما أمَرَ النبيُّ بأخذِه، ولا أخذِه ما جعَلَه النبيُّ مالًا له مُضافًا إليهِ.

ولأنَّ الحُدودَ تُدرأُ بالشبُهاتٍ، وأعظَمُ الشبُهاتِ أخذُ الرَّجلِ مِنْ مالٍ جعَلَه الشَّرعُ له وأمَرَه بأخذِه وأكلِه (٣).

ثانيًا: سَرقةُ الفَرعِ مِنْ الأصلِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الفَرعِ الابنِ وإنْ نزَلَ إذا سرَقَ مِنْ الأبِ وإنْ عَلا، هل يُقطَعُ به أم لا؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنه لا يُقطَعُ الابنُ وإنْ نزَلَ إذا سَرقَ مِنْ أبيه وإنْ عَلا؛ لأنَّ لكلِّ واحدٍ مِنْ


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه ابن ماجه (٢٢٩١)، وابن حبان في «صحيحه» (٤٢٦٢).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٥٢٨)، والترمذي (١٢٩٨)، والنسائي (٤٤٤٩) وابن ماجه (٢١٣٧)، وابن حبان في «صحيحه» (٢٤٥٩)، والإمام أحمد في «مسنده» (٢٤٠٨٧).
(٣) «الجوهرة النيرة» (٥/ ٣٩٧، ٣٩٨)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٤٨٥، ٤٨٦)، و «الحاوي الكبير» (١٣/ ٣٤٧، ٣٤٨)، و «المغني» (٩/ ١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>