للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أنَّ قَولَها: «زوَّجتُ نفْسِي» شَطرُ العَقدِ عِندَهما، والشَّهادةُ في شَطرَيِ العَقدِ شَرطٌ؛ لأنه يَصيرُ عَقدًا بالشَّطرينِ، فإذا لم يَسمَعَا كَلامَ الرَّسولِ وقِراءةَ الكِتابِ فلمْ تُوجَدِ الشَّهادةُ على العَقدِ، وقَولُ الزَّوجِ بانفِرادِه عَقدٌ عِندَه، وقد حضَرَ الشَّاهدانِ.

وعلى هذا الخِلافِ الفُضوليُّ الواحِدُ مِنْ الجانبَينِ، بأنْ قالَ الرَّجلُ: «زوَّجتُ فُلانةَ مِنْ فُلانٍ» وهُمَا غائِبانِ لم يَنعقِدْ عندَهما، حتَّى لو بلَغَهُما الخبَرُ فأجازَا لم يَجُزْ، وعندَه يَنعقدُ ويَجوزُ بالإجازةِ.

ولو قالَ فُضوليٌّ: «زوَّجتُ فُلانةَ مِنْ فُلانٍ» وهُمَا غائِبانِ فقَبِلَ فُضوليٌّ آخَرُ عنِ الزَّوجِ يَنعقدُ بلا خِلافٍ بينَ أصحابِنا، حتَّى إذا بلَغَهُما الخبَرُ وأجازَا جازَ، ولو فسَخَ الفُضوليُّ العَقدَ قبْلَ إجازةِ مَنْ وقَفَ العَقدُ على إجازِتِه صَحَّ الفَسخُ في قَولِ أبي يُوسفَ، وعِندَ مُحمَّدٍ لا يَصحُّ (١).

٩ - أنْ يَكونَ الإيجابُ والقَبولُ فَورًا:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الصِّيغةِ، هل يُشتَرطُ أنْ يَكونَ الإيجابُ والقَبولُ في مَجلسٍ واحِدٍ، وأنْ يكونَ القَبولُ فَورًا؟ أم يَجوزُ أنْ يكونَ مُتَراخِيًا عن الإيجابِ؟

فذهَبَ الشَّافعيةُ إلى أنه يُشتَرطُ المُوالاةُ بينَ الإيجابِ والقَبولِ،


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٣٢، ٢٣٣)، و «البحر الرائق» (٣/ ٨٩)، و «حاشية ابن عابدين» (٣/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>