للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرطُ الرابعُ: أنْ يكونَ مسلِماً (حكمُ طلاقِ الكافرِ):

اختَلفَ الفُقهاءُ في الكافرِ إذا طلَّقَ وهو يَعتقِدُ الطَّلاقَ، هلْ يَصحُّ طلاقُهُ ويَنفُذُ أم لا؟

فذهَبَ المالكيَّةُ في المَشهُورِ إلى أنَّهُ يُشتَرطُ لصِحَّةِ الطَّلاقِ أنْ يَكونَ مُسلمًا، فلا يَصِحُّ ولا يَنفُذُ طَلاقُ الكافرِ كما لا يَصحُّ نِكاحُهُ، وسواءٌ كانَتْ زَوجتُهُ الَّتي طلَّقَها كافرةً أو مُسلِمةً، فإذا طلَّقَ زَوجتَهُ الكافِرةَ ثمَّ أسلمَتْ وأسلَمَ في عدَّتِها كانَ أحقَّ بها، وإذا أسلَمَتِ النَّصرانيَّةُ وزَوجُها نَصرانِيٌّ ثمَّ طلَّقَها في العدَّةِ ولو ثلاثًا ثمَّ أسلَمَ فيها لم يُعَدَّ طَلاقُه طلاقًا، وكانَ على نِكاحِهِ، وإنِ انقَضَتْ عدَّتُها فنكَحَها بعْدَ ذلكَ كانَ جائِزًا، وطلاقُهُ في شِرْكِهِ باطِلٌ؛ لأنَّ اللهَ ﷿ قَدْ أحبَطَ عمَلَ أهلِ الكفرِ في كتابِهِ، وقالَ : «الإسلامُ يَجُبُّ ما قبْلَهُ».

وهذا إذا لم يَتحاكَمُوا إلَينا، فإنْ تَحاكَمُوا إلينا ففيهِ أربعُ تأويلاتٍ.

قالَ الصَّاوي : قولُهُ: (تأويلاتٌ أربعَةٌ): الأوَّلُ مِنها لابنِ شبلونَ، والثَّاني لابنِ أبي زَيدٍ، والثَّالثُ للقابسيِّ، والرَّابعِ لابنِ الكاتِبِ، واستَظهَرَهُ عِياضٌ، ومَحلُّ هذا الخِلافِ إذا تَرافَعُوا إلينا وقالُوا لنا: احكُمُوا بَينَنا بحُكمِ الإسلامِ في أهلِ الإسلامِ، أو على أهلِ الإسلامِ، فلا فرْقَ بيْنَ (في، وعلى) على الصَّوابِ، أو بحُكمِ الإسلامِ على أهلِ الكُفْرِ، أو في أهلِ الكُفْرِ، وأمَّا لو قالُوا: احكُمُوا بَينَنا بحُكمِ أهلِ الإسلامِ في طلاقِ الكُفرِ، أو بما يَجِبُ على

<<  <  ج: ص:  >  >>