للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يَبطُلُ به عَقدُ الرَّهنِ قبلَ القَبضِ:

تَقدَّم فيما سبَق أنَّ جُمهورَ الفُقهاءِ الحَنفيَّةَ والشافِعيَّةَ والحَنبَليَّةَ خِلافًا لِلمالِكيَّةِ يَرَوْنَ أنَّ لِلراهِنِ الرُّجوعَ في الرَّهنِ ما لَم يَقبِضْه المُرتَهَنُ؛ لأنَّه لا يَتِمُّ ويَلزَمُ عندَهم إلا بالقَبضِ، فعلى هذا يَجوزُ له الرُّجوعُ في الرَّهنِ.

وهناك بَعضُ الأشياءِ إذا وُجِدتْ قبلَ القَبضِ تُبطِلُ الرَّهنَ، منها ما يلي:

١ - تَصرُّف الراهِنِ في المَرهونِ قبلَ القَبضِ:

قال جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ: إذا تَصرَّفَ الراهِنُ في المَرهونِ قبلَ القَبضِ بما يُزيلُ المِلكَ بهِبةٍ أو بَيعٍ أو إجارةٍ -خِلافًا لِلحَنابِلةِ- أو عِتقٍ أو جعَله صَداقًا أو رهَنه ثانيًا بطَل الرَّهنُ الأوَّلُ، سَواءٌ قبَض الهِبةَ والمَبيعَ والرَّهنَ الثانيَ أو لَم يَقبِضْه؛ لأنَّه أخرَجَ المَرهونَ عن إمكانِ استِيفاءِ الدَّينِ مِنْ ثَمَنِه، أو فَعَل ما يَدلُّ على قَصدِه ذلك، وذلك لأنَّ عَقدَ الرَّهنِ عندَهم لا يَلزَمُ ولا يَتِمُّ إلا بالقَبضِ، فما لَم يَقبِضْه المُرتَهَنُ يَجوزُ لِلراهِنِ أنْ يَتصرَّفَ فيه ويَكونَ تَصرُّفُه هذا قبلَ القَبضِ رُجوعًا عن الرَّهنِ ومُبطِلًا له، وسَواءٌ كان هذا بإذْنِ المُرتَهَنِ أو لا، وسَواءٌ كان مَشروطًا في عَقدِ الرَّهنِ أو لا، إلا أنَّه إذا كانَ مَشروطًا في العَقدِ ثَبَت لِلمُرتَهَنِ الخيارُ في الإمضاءِ بلا رَهنٍ أو الفَسخِ.

واستَثنَى الحَنبليَّةُ وبَعضُ الشافِعيَّةِ عَقدَ الإجارةِ؛ فإنَّها لا تُبطِلُ الرَّهنَ؛ لأنَّ هذا التَّصرُّفَ لا يَمنَعُ البَيعَ، فلا يَمنَعُ صِحَّةَ الرَّهنِ؛ ولأنَّه لا يَمنَعُ ابتِداءَ الرَّهنِ، فلا يَقطَعُ استِدامَتَه، كاستِخدامِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>