للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ المالِكيةُ في المُعتمدِ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ الاستِنجاءَ واجِبٌ إذا وُجدَ سَببُه، واستدَلُّوا على ذلك بقَولِ النَّبيِّ : «إذا ذهَبَ أحدُكم إلى الغائِطِ فليَذهَبْ معه بثَلاثةِ أَحجارٍ يَستَطيبُ بهِنَّ؛ فإنَّها تُجزِئُ عنه» (١).

وقَولِه : «لا يَستَنجِ أحدُكم بدُونِ ثَلاثةِ أَحجارٍ»، وفي لَفظٍ: «لقد نَهانا أنْ نَستنجِيَ بأقَلَّ مِنْ ثَلاثةِ أَحجارٍ» (٢).

قالوا: فالحَديثُ الأولُ أمرٌ والأمرُ يَقتَضي الوُجوبَ، وقالَ: «فإنَّها تُجزئُ عنه»، والإجزاءُ إنَّما يُستعملُ في الواجِبِ، ونَهى عن الاقتِصارِ عن ثَلاثةِ أحجارٍ، والنَّهيُ يَقتَضي التَّحريمَ، وإذا حُرِّمَ تَركُ بعضِ النَّجاسةِ فجَميعُها أَولى (٣).

حُكمُ الاستِنجاءِ من الرِّيحِ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّه ليسَ في الرِّيحِ استِنجاءٌ.

قالَ الحَنفيةُ: لا يُسنُّ الاستِنجاءُ من الرِّيحِ؛ لأنَّ عَينَها طاهِرةٌ وإنَّما نقَضَت لانبِعاثِها عن مَوضعِ النَّجاسةِ؛ ولأنَّه بخُروجِ الرِّيحِ لا يَكونُ على


(١) رواه أبو داود (٣٥)، والنسائي (٤٤)، وابن ماجه (٣٣٧)، وأحمد في «المسند» (٦/ ١٠٨، ١٣٣)، والدارمي (٦٧٠)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (١/ ١٠٣)، وصححه الألباني في «الإرواء» (٤٤).
(٢) مسلم (٢٦٢).
(٣) «المغني» (١/ ١٩٠، ١٩٢)، و «المجموع» (٢/ ١١٤)، و «نهاية المحتاج وحاشيته» (١/ ١٢٨، ١٢٩)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ١٧٨)، و «الإفصاح» (١/ ٧١)، و «كفاية الأخيار» ص (٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>