للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ ماتَ وعِندَه قِراضٌ:

قال الحَنفيَّةُ: لو ماتَ المُضارِبُ ولَم يُوجَدْ مالُ المُضاربةِ فيما خلَّفَ؛ فإنَّه يَعودُ دَيْنًا فيما خلَّف المُضارِبُ، وكذا المُودعُ والمُستعيرُ والمُستبضِعُ وكلُّ مَنْ كان المالُ في يَدِه أمانةً إذا مات قبلَ البَيانِ، ولا تُعرفُ الأمانةُ بعَينِها؛ فإنَّه يَكونُ عليه دَيْنًا في تَرِكتِه؛ لأنَّه صارَ بالتَّجهيلِ مُستهلِكًا لِلوَديعةِ ولا تُصدَّقُ وَرَثتُه على الهَلاكِ والتَّسليمِ إلى رَبِّ المالِ.

ولو عيَّن المَيِّتُ المالَ في حالِ حياتِه أو عَلِم ذلك يَكونُ ذلك أمانةً في يَدِ وَصيِّه أو في يَدِ وارِثِه، كما كان في يَدِه، ويُصدَّقون على الهَلاكِ والدَّفعِ إلى صاحبِه كما يُصدَّقُ المَيِّتُ في حالِ حَياتِه (١).

قال المالِكيَّةُ: مَنْ ماتَ وعندَه قِراضٌ أو وَديعةٌ أو بِضاعةٌ؛ فإنْ وُجِد في تَركتِه بعَينِه وثبَت؛ أُخِذ بعَينِه، وإنْ لَم يُوجَدْ ذلك في تَرِكتِه بعَينِه ولَم يُوصِ ولَم يُعلَمْ أنَّه رَدَّه إلى رَبِّه ولا ادَّعى تَلفَه ولا ما يُسقِطُه؛ فإنَّه يُؤخَذُ مِنْ تَرِكتِه المِثلُ أو القيمةُ؛ لاحتِمالِ أنْ يَكونَ أنَفقَه أو ضاعَ منه بتَفريطٍ بعدَ أنْ يَحلفَ رَبُّ المالِ أنَّه لَم يَصِلْ إليه ولا قبَض منه شَيئًا، وهذا ما لَم يَتقادَمِ الأمرُ،


(١) «بدائع الصانع» (٦/ ١١٥)، وابن عابدين (٨/ ٣٥١)، وقد نقَل ابنُ عابدينَ: أنَّ الأماناتِ تنقَلبُ مَضمونةً بالمَوتِ إذا لَم يبَيَّنْ إلا في ثلاثِ مَسائلَ:
إحدُاها: مُتولِّي الأوقافِ إذا ماتَ ولم يعرفْ حالَ غلَّتِها الذي أخذَ ولَم يبَيّنْ لا ضَمانَ عليه.
الثَّانيةُ: إذا خرَج السُّلطانُ إلى الغَزوِ وغنِموا فأَودَع بعضَ الغَنيمةِ عندَ بعضِ الغانِمينَ وماتَ ولم يبَيّنْ عندَ من أَودَع، فلا ضَمانَ عليه.
الثالِثةُ: أحدُ المُتفاوِضينِ إذا ماتَ وفي يدِه مالُ الشَّركةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>