للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّوعُ الثاني: هِبةُ المَحجورِ عليه لفَلسٍ:

المُفلسُ إمَّا أنْ يَهبَ قبلَ الحَجرِ عليه، وإمَّا أنْ يَهبَ بعدَ الحَجرِ عليه؛ فإنْ وهَبَ قبلَ الحَجرِ عليه فتَصرفُه نافِذٌ وهِبتُه صَحيحةٌ بلا خِلافٍ بينَ الفُقهاءِ.

قالَ ابنُ قُدامةَ : وبهذا قالَ أَبو حَنيفةَ ومالِكٌ والشافِعيُّ، ولا نَعلمُ أحدًا خالَفَهم، ولأنَّه رَشيدٌ غيرُ مَحجورٍ عليه فنفَذَ تَصرفُه كغيرِه، ولأنَّ سَببَ المَنعِ الحَجرُ فلا يتقدَّمُ سَببُه، ولأنَّه مِنْ أهلِ التَّصرفِ ولم يُحجرْ عليه فأشبَهَ المَليءَ (١).

وإنْ كانَ المالِكيةُ نَصُّوا على أنَّ مَنْ أحاطَ الدَّينُ بمالِه له ثَلاثُ حالاتٍ: الأُولى قبلَ التَّفليسِ: وهي مَنعُه وعَدمُ جَوازِ التَّصرفِ في مالِه بغيرِ عِوضٍ فيما لا يَلزمُه مما لم تَجرِ العادةُ بفِعلِه من هِبةٍ وصَدقةٍ وعِتقٍ وما أشبَهَ ذلك، كخِدمةٍ وإقرارٍ بدَينٍ لمَن يَتَّهمُ عليه ويَجوزُ بَيعُه وشِراؤُه (٢).

وأمَّا إنْ وهَبَ بعدَ الحَجرِ عليه فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الشافِعيةُ في الأصَحِّ والحَنابِلةُ والصاحِبانِ من الحَنفيةِ إلى أنَّ هِبتَه بعدَ الحَجرِ عليه غيرُ نافِذةٍ؛ لأنَّه مَحجورٌ عليه بحُكمِ حاكِمٍ، فلم يَصحَّ تَصرُّفُه كالسَّفيهِ،


(١) «المغني» (٤/ ٢٨٣، ٢٨٤)، و «الشرح الكبير» (٤/ ٤٦٤).
(٢) «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٧/ ٢٧٥)، ويُنظَرُ: «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٩١)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>