للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكمُ الاستِعانةِ بالمُسلِمينَ في قِتالِ غيرِ المُسلِمينَ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو كانَ فَريقان من الكُفارِ يُقاتِلُ بَعضُهم بَعضًا هل يَجوزُ للمُسلِمينَ أنْ يُقاتِلوا مع إحدى الطائِفتَين من الكُفارِ الطائِفةَ الأُخرى أو لا؟

فنَصَّ فُقهاءُ الحَنفيةِ والمالِكيةِ على عَدمِ جَوازِ إعانةِ المُسلِمينَ لإحدى الطائِفتَينِ من الكُفارِ على قِتالِ الأُخرى.

وإذا كانَ قَومٌ من المُسلِمينَ مُستأمَنينِ في دارِ الحَربِ فأغارَ على تلك الدارِ قَومٌ من أهلِ الحَربِ لم يَحِلَّ لهؤلاء المُسلِمينَ أنْ يُقاتِلوهم؛ لأنَّ في القِتالِ تَعريضَ النَّفسِ للخَطرِ، فلا يَحِلُّ ذلك إلا على وَجهِ إعلاءِ كَلِمةِ اللهِ ﷿ وإعزازِ الدِّينِ، وذلك لا يُوجَدَ ههنا؛ لأنَّ أحكامَ أهلِ الشِّركِ غالِبةٌ فيهم، فلا يَستطيعُ المُسلِمونَ أنْ يَحكُموا بأحكامِ أهلِ الإسلامِ، فكانَ قِتالُهم في الصُّورةِ لإعلاءِ كَلِمةِ الشِّركِ وذلك لا يَحِلُّ إلا أنْ يَخافُوا على أنفُسِهم من أولئك، فحينَئذٍ لا بأسَ بأنْ يُقاتِلوهم للدَّفعِ عن أنفُسِهم لا لإعلاءِ كَلِمةِ الشِّركِ، والأصلُ فيه حَديثُ جَعفَرٍ ؛ فإنَّه قاتَلَ بالحَبشةِ مع العَدوِّ الذي كانَ قصَدَ النَّجاشيَّ وإنَّما فعَلَ ذلك لأنَّه لمَّا كانَ مع

<<  <  ج: ص:  >  >>