للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا سائِرُ العُلماءِ فلم يَذكُروا حُكمَ ما لو اشتَرَط على نَفسِه عَدمَ الرُّجوعِ، ومَفهومُ كَلامِهم أنَّ له الرُّجوعَ مُطلَقًا سَواءٌ شرَطَ الرُّجوعَ أو لم يَشتَرطْ.

الحِكمةُ من جَوازِ الرُّجوعِ في الوَصيةِ:

قالَ الإِمامُ القَرافِيُّ : شرَعَ اللهُ تَعالى الوَصيةَ وشرَعَ الرُّجوعَ فيها لُطفًا بالعِبادِ بتَوفيرِ عُزومِهم على تَكثيرِ الوَصايا، وقالَه الأئِمةُ، فلو اعتقَدَ المَريضُ تَعذُّرَ الرُّجوعِ لامتنَعَ من الوَصيةِ خَشيةَ الصِّحةِ ويَذهبُ عليه مالُه، فإذا علِمَ أنَّ له الرُّجوعَ صَحيحًا ومَريضًا استكثَرَ من الوَصايا، حتى لو أمكَنَه استِيعابُ مالِه استَوعَبَه بتَقديمِ مالِه بينَ يَدَيه ويَسعدُ المُوصَى له بالوَصايا (١).

ما يَحصلُ به الرُّجوعُ عن الوَصيةِ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ الرُّجوعَ يَحصلُ في الوَصيةِ بالقَولِ، كأنْ يَقولَ: «رَجَعت في وَصيَتي أو رَدَدتُها أو أبطَلتُها أو نسَختُها أو نقَضتُها أو غيَّرتُها أو ما أَوصَيتُ به لفُلانٍ فهو لفُلانٍ، أو فهو لوَرثَتي، أو هو في ميراثي»، وكذا كلُّ مَعنًى أدَّى إلى هذا.

وكذلك يَحصلُ الرُّجوعُ بالفِعلِ.

قالَ أَبو الوَليدِ الباجيُّ: لا خِلافَ في الرُّجوعِ عن الوَصيةِ بالقَولِ والفِعلِ (٢).


(١) «الذخيرة» (٧/ ١٤٦، ١٤٧).
(٢) «المنتقى شرح الموطأ» (٦/ ١٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>