للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المانِعُ الثالِثُ: شَهادةُ الصَّديقِ المُلاطِفِ:

اتَّفَق الفُقهاءُ على أنَّ الصَّديقَ إذا كانَ غيرَ مُلاطِفٍ لصَديقِه؛ فإنَّه تَجوزُ الشَّهادةُ له وعليه؛ لعُمومِ الأَدلةِ.

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختَلَفوا في شَهادةِ الصَّديقِ المُلاطِفِ لصَديقِه إذا كانَ في بِرِّه وصِلتِه هل تُقبلُ أو لا؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ وأكثَرُ أهلِ العِلمِ إلى أنَّها تُقبلُ ولا فَرقَ بَينَ الصَّديقِ المُلاطِفِ والصَّديقِ غيرِ المُلاطِفِ؛ لقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٨٢] الآيةَ، وقَولِه: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [الطلاق: ٢] ولم يُفرِّقْ.

ولأنَّه لا يُعتَقُ أحدُهما على الآخَرِ إذا ملَكَه، فقَلَّت شَهادتُه له، كما لو لم يَكنْ بينَهما مُهاداةٌ ولا مُلاطَفةٌ (١).

قال ابنُ قُدامةَ : وتُقبَلُ شَهادةُ أحَدِ الصَّديقَينِ لصاحِبِه في قَولِ عامةِ العُلماءِ إلا مالِكًا، قالَ: لا تُقبلُ شَهادةُ الصَّديقِ المُلاطِفِ؛ لأنَّه يَجرُّ إلى نَفسِه نَفعًا بها، فهو منهم، فلم تُقبَلْ شَهادَتُه كشَهادةِ العَدوِّ على عَدوِّه.

ولنا: عُمومُ أدِلةِ الشَّهادةِ وما قالَه يُبطِلُ شَهادةَ الغَريمِ للمَدينِ قبلَ الحَجْرِ، وإنْ كانَ ربَّما قَضاه دَينَه منه فجَرَّ إلى نَفسِه نَفعًا أعظَمَ ممَّا يُرجى ههُنا بَينَ الصَّديقَينِ.


(١) «البحر الرائق» (٧/ ٨٥)، و «الحاوي الكبير» (١٧/ ١٦٢، ١٦٣)، و «البيان» (١٣/ ٣١٤، ٣١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>