للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحَنابِلةُ: إذا أطلَقَ المُوكِّلُ الوَكالةَ لا يَجوزُ لِلوَكيلِ أنْ يَبيعَ نَسيئةً، ويَلزَمُه أنْ يَبيعَ حالًّا؛ لأنَّ الأصلَ في البَيعِ الحُلولُ؛ لأنَّه لو أُطلِقَ البَيعُ حُمِلَ على الحُلولِ، فكَذلك إذا أُطلِقَتِ الوَكالةُ؛ فَإنْ باعَ بنَسيئةٍ فتَصرُّفُه باطِلٌ.

فَإنْ قالَ المُوكِّلُ لِوَكيلِه: اصنَعْ ما شِئتَ، أو تصرَّفْ كَيفَما شِئتَ؛ فله أنْ يَبيعَ حالًّا ونَسيئةً، وبِمَنفعةٍ وعَرضٍ.

وفي احتِمالِ أنَّه يَجوزُ له أنْ يَبيعَ بنَسئيةٍ، كالمُضارِبِ، فإنَّ الصَّحيحَ الأوَّلُ، ويُفارِقُ المُضارَبةَ لوَجهينِ:

أحَدُهما: أنَّ المَقصودَ مِنْ المُضارَبةِ الرِّبحُ، لا دَفعُ الحاجةِ بالثَّمنِ في الحالِ، وقَد يَكونُ المَقصودُ في الوَكالةِ دَفْعَ حاجةٍ ناجِزةٍ تَفوتُ بتَأخيرِ الثَّمنِ.

والآخَرُ: أنَّ استِيفاءَ الثَّمنِ في المُضارَبةِ على المُضارِبِ، فيَعودُ ضَرَرُ التَّأخيرِ في التَّقاضي عليه، وههُنا بخِلافِه، فلا يَرضَى به المُوكِّلُ، ولأنَّ الضَّرَرَ في هَلَاكِ الثَّمنِ على المُضارِبِ؛ لأنَّه يُحسَبُ مِنْ الرِّبحِ؛ لِكَونِ الرِّبحِ وِقايةً لِرَأْسِ المالِ، وههُنا يَعودُ على المُوكِّلِ، فانقطَع الإلحاقُ (١).

٥ - البَيعُ بمَنفعةٍ:

نَصَّ الحَنابِلةُ على أنَّ المُوكِّلَ إذا أطلَقَ الوَكالةَ لَم يَصحَّ لِلوَكيلِ أنْ يَبيعَ بمَنفعةٍ، كَسُكنَى دارٍ وخِدمةِ عَبدٍ، ولا بعَرضِ؛ فَإنْ فَعلَ؛ لَم يَصحَّ؛ لأنَّ


(١) «المغني» (٥/ ٧٧)، و «المبدع» (٤/ ٣٦٨)، و «الإنصاف» (٥/ ٣٧٨، ٣٧٩)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٥٣)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٤٥٠، ٤٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>