وقالَ المُزنِيُّ: القَولُ قَولُ المُكري، وهذا خَطأٌ؛ لأنَّ يَدَ المُكتَري على الدارِ وما فيها، فكانَ القَولُ قَولَه فيما في يَدِه.
ولا يُحكَمُ بأنَّه رِكازٌ إلا بأنْ يَكونَ من مالٍ جاهِليٍّ، يُعلَمُ أنَّ مِثلَه لم يُضرَبْ في الإِسلامِ، بأنْ يَكونَ عليه اسمُ أحَدٍ من مُلوكِ أهلِ الشِّركِ أو صُورةُ الصُّلبانِ؛ لأنَّ الظاهِرَ أنَّه لمُشرِكٍ.
فأمَّا إذا كانَ عليه آيةٌ من كِتابِ اللهِ، أو اسمِ النَّبيِّ ﷺ، أو أحَدٌ من خُلفاءِ المُسلِمينَ، فليسَ برِكازٍ، بل هو لُقطةٌ يَجبُ تَعريفُها (١).
ثانيًا: أنْ يَجدَ الرِّكازَ في دارِ الحَربِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ مَنْ دخَلَ دارَ الحَربِ فوجَدَ فيها رِكازًا هل يَجبُ فيه الخُمسُ أم يَكونُ كلُّه لواجِدِه؟
فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ الإِنسانَ إذا وجَدَ الرِّكازَ في دارِ الحَربِ فإنْ وجَدَه في أرضٍ ليسَت مَملوكةً لأحَدٍ فهو للواجِدِ ولا خُمسَ فيه؛ لأنَّه مالٌ أخَذَه لا على طَريقِ القَهرِ والغَلبةِ لانعِدامِ غَلبةِ أهلِ الإِسلامِ على ذلك المَوضِعِ فلم يَكنْ غَنيمةً فلا خُمسَ فيه، ويَكونُ الكلُّ له؛ لأنَّه مُباحٌ استَولى عليه بنَفسِه فيَملِكُه كالحَطبِ والحَشيشِ، وسَواءٌ دخَلَ بأمانٍ، أو بغيرِ أمانٍ؛ لأنَّ حُكمَ الأمانِ يَظهَرُ في المَملوكِ لا في المُباحِ.
وإنْ وجَدَه في أرضٍ مَملوكةٍ لبعضِهم، فإنْ كانَ دخَلَ بأمانٍ رَدَّه إلى صاحِبِ الأرضِ؛ لأنَّه إذا دخَلَ بأمانٍ لا يَحلُّ له أنْ يَأخذَ شَيئًا من أَموالِهم
(١) «البيان» (٣/ ٣٤٤)، و «الحاوي الكبير» (٣/ ٣٤٢)، و «المجموع» (٧/ ١٧١، ١٨٣).