للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابنُ عبدِ البرِّ : ولم يَكنْ حجَّ حجَّةَ الإسلامِ فأرادَ أنْ يَتزوَّجَ وخشِي على نَفسِه فلا بَأسَ أنْ يَتزوَّجَ ويحُجَّ بعدَ أنْ يُوسِرَ، هذا كلُّه قولُ الثَّوريِّ ، وقال ابنُ القاسمِ عن مالكٍ: يَنبَغي للأعزَبِ إذا أفادَ مالًا أنْ يحُجَّ قبلَ أنْ يَنْكِحَ (١).

هـ- قال ابنُ عابدينَ : تَنبيهٌ: ليسَ من الحَوائجِ الأصليَّةِ ما جرَت به العادةُ المُحدَثةُ برَسمِ الهَديَّةِ للأقارِبِ والأصحابِ، فلا يُعذَرُ بتَركِ الحَجِّ؛ لعَجزِه عن ذلك، كَما نبَّه عليه العِماديُّ في مَنسَكِه، وأقَرَّه الشَّيخُ إسماعيلُ، وعَزاه بعضُهم إلى مَنسكِ المُحقِّقِ ابنِ أميرِ حاجٍّ، وعَزاه السيِّدُ أبو السُّعودِ إلى مَناسكِ الكِرمانيِّ (٢).

الخَصلةُ الثانيةُ للاستِطاعةِ: صِحةُ البَدنِ:

إنَّ سَلامةَ البَدنِ من الأمراضِ والعاهاتِ التي تَعوقُ عن الحَجِّ شَرطٌ لوُجوبِ الحَجِّ، فلو وُجِدت فيه سائرُ شُروطِ وُجوبِ الحَجِّ وكانَ عاجِزًا عنه لِمانِعٍ مَيْئوسٍ من زَوالِه، كزَمانةٍ أو مَرضٍ لا يُرجَى زَوالُه، أو كان لا يَقدرُ على الثُّبوتِ على الراحِلةِ إلا بمَشقَّةٍ غيرِ مُحتمَلةٍ، وشَيخًا فانيًا ومَن كان مِثلَه، لا يَجبُ عليه أن يُؤدِّيَ بنَفسِه فَريضةَ الحَجِّ اتِّفاقًا.

إلا أنَّهم اختلَفوا فيما إذا قدِر على مالٍ، هل يَلزمُه أنْ يَستَنيبَ به من يحُجَّ عنه أو لا؟


(١) «التمهيد» (٩/ ١٣٦).
(٢) «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٥٠٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>