للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعرَّفه الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ بأنَّه: جَعلُ عَينٍ ماليَّةٍ وَثيقةً بدَينٍ يُستَوفَى منها أو مِنْ ثَمَنِها إذا تَعذَّرَ الوَفاءُ ممَّن هو عليه (١).

حُكمُ الرَّهنِ:

الرَّهنُ جائِزٌ بالكِتابِ والسُّنَّةِ وإجماعِ الأُمَّةِ:

أَمَّا مِنَ الكِتَابِ: فَقَولُ اللهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ [البقرة: ٢٨٣]، أي: إنْ كُنْتُمْ مُسافِرينَ ولَم تَجِدوا كاتِبًا فارتَهِنوا رِهانًا مَقبوضةً وَثيقةً بأموالِكم.

وأمَّا مِنَ السُّنَّةِ: فمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا إلى أجَلٍ وَرهَنهُ دِرْعَهُ» (٢).

وعن أبي هُريرةَ قال: قال رَسولُ اللهِ : «الظَّهرُ يُرْكَبُ بِنفَقَتِهِ إذا كان مَرْهُونًا، ولَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ إذا كان مَرْهُونًا، وعَلَى الذي يَرْكَبُ ويَشْرَبُ النَّفَقَةُ» (٣).

وعن أبي هُريرةَ أنَّ رَسولَ اللهِ قال: «لا يَغْلَقُ الرَّهْنُ، لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ» (٤).


(١) «مغني المحتاج» (٣/ ٣٧)، و «الإقناع» (٢/ ٢٩٧)، و «البيان» (٦/ ٧)، و «نهاية المحتاج» (٤/ ٢٦٨)، و «حاشية قليوبي» (٢/ ٦٥٦)، و «المبدع» (٤/ ٢١٣)، و «كشاف القناع» (٣/ ٣٧٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٣٣٢)، و «المطلع» ص (٢٩٦)، و «الروض المربع» (٢/ ١٠)، و «منار السبيل» (٢/ ٨٩).
(٢) رواه البخاري (٢٣٧٤)، ومسلم (١٦٠٣).
(٣) رواه البخاري (٢٣٧٧).
(٤) رواه بن حبان في «صحيحه» (٥٩٣٤)، والدارقطني في «سننه» (٣/ ٣٢)، والحاكم في «المستدرك» (١/ ٦٨) مِنْ طَريقِ ابن عُيينةَ عن زِياد بنِ سَعدٍ عن الزُّهريِّ عن سَعيدِ بن المُسيّبِ عن أبي هُريرةَ مَرفوعًا به.
قالَ الدَّراقطنيُّ: زِياد بن سَعدٍ مِنَ الحفَّاظِ الثِّقاتِ، وهذا إسنادٌ حسنٌ متصَّلٌ.
وقالَ الحاكمُ: هذا حديثٌ صحيحٌ على شرطِ الشَّيخَينِ ولم يُخرِّجاهُ؛ لِخلافٍ فيه على أصْحابِ الزُّهريِّ. وقَد تابعَه مالكٌ وابنُ أبي ذِئبٍ وسُليمانُ بنُ داودَ الحرَّانيُّ ومُحمدُ بنُ الوَليدِ الزُّبيديِّ ومَعمرُ ابنُ راشدٍ على هذه الرِّوايةِ.
قلتُ: هذا الحديثُ فيه اختلافٌ كثيرٌ على أصْحابِ الزُّهريِّ؛ فقد رُوي مُرسلًا ومُتَّصلًا، وقد بيَّن هذه الرواياتِ كلَّها عن الزُّهريِّ ابنُ عبدَ البَرِّ في «التمهيد» (٦/ ٤٢٥)، وما بعدَها، فراجِعه فإنَّه خِلافٌ طَويلٌ لا يتَّسعُ المَقامُ لَه.

<<  <  ج: ص:  >  >>