للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنَّهم قالوا: هذا الحَديثُ نسَخَ الوَصيةَ للوَرثةِ، وللكَلامِ في نَسخِ القُرآنِ بالسُّنةِ مَوضعٌ غيرُ هذا (١).

حُكمُ الوَصيةِ:

لا خِلافَ بينَ فُقهاءِ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ الإِنسانَ إذا لم يَكنْ عليه دُيونٌ إمَّا للهِ وإمَّا للناسِ أو لم يَكنْ عندَه أَماناتٌ أنَّ الوَصيةَ في حَقِّه مُستحَبةٌ وليسَت واجِبةً، وقد نقَلَ عَددٌ منهم الإِجماعَ على ذلك.

أمَّا إنْ كانَت عليه دُيونٌ أو كانَ عندَه أَماناتٌ؛ فإنَّ الوَصيةَ في حَقِّه واجِبةٌ.

وقد استدَلُّوا على عَدمِ الوُجوبِ بما يَلي:

١ - ما رَواه الإِمامُ مُسلمٌ في رِوايةٍ عن ابنِ عُمرَ أنَّ رَسولَ اللهِ قالَ: «ما حَقُّ امرِئٍ مُسلمٍ له شَيءٌ يُريدُ أنْ يُوصيَ فيه يَبيتُ لَيلَتَينِ إلا ووَصيَّتُه مَكتوبةٌ عندَه» (٢) فجعَلَ ذلك مُتعلِّقًا بإِرادتِه، ولو كانَ واجِبًا لم يَكنْ كذلك، وبتَقديرِ أنْ يَكونَ في هذا اللَّفظِ ما يَدلُّ على الوُجوبِ فقد قيَّدَه في كلِّ الرِّواياتِ بقَولِه: «له شَيءٌ يُوصي فيه»، وذلك هو الدُّيونُ التي تَكونُ عليه، فهو الشَيءُ الذي يُوصَى فيه، ولو نَظَرنا إلى الرِّوايةِ التي لَفظُها «مالٌ يُوصَى فيه» فالدَّينُ الذي عليه مالٌ (٣).


(١) «التمهيد» (١٤/ ٢٩٢، ٢٩٣).
(٢) أخرجه مسلم (١٦٢٧).
(٣) «تفسير القرطبي» (٢/ ٢٦٠)، و «طرح التثريب» (٦/ ١٦١)، و «فتح الباري» (٥/ ٣٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>