للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ القاضي: يَجوزُ تَقبيلُ فَرجِ المرأةِ قبلَ الجِماعِ، ويُكرهُ بعدَه؛ لتعذُّرِه إذنْ، وذكَرَه عن عَطاءٍ (١).

حُكمُ الجِماعِ في الدُّبرِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ هل يَجوزُ للرَّجلِ أنْ يُجامِعَ زَوجتَه في دُبرِها أم لا يَجوزُ؟

فذهَبَ جَماهيرُ أهلِ العِلمِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ في المَشهورِ والشَّافعيةُ والحَنابلةُ إلى أنه لا يَجوزُ للرَّجلِ أنْ يُجامِعَ زوْجتَه في دُبرِها، ويَجوزُ له وُجوهُ الاستمتاعِ خَلا الوطءَ في الدُّبرِ؛ لأنه لا يَجوزُ لقَولِه تعالَى: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٣] أي: مَوضِعُ حَرثٍ، فهو مِنْ مَجازِ الحَذفِ، أي: ائْتُوا ذلكَ المَحلَّ كيفَ شِئتُم مِنْ خَلفٍ أو قُدَّامٍ، بارِكةً أو مُستلقِيةً أو مُضطجِعةً، وذِكرُ الحَرثِ دَليلٌ على أنَّ الإتيانَ في غيرِ المأتِيِّ المأذُونِ فيه مُحرَّمٌ، بشَبهِهنَّ بمَحلِّ الحَرثِ؛ لأنه مُزدَرعُ الذرِّيةِ، وعليهِ قولُ ثَعلبٍ:

إنَّما الأرحامُ أَرْضُونَ لنا مُحرَثاتُ … فعَلَينا الزَّرعُ فيها وعلى اللهِ النَّباتُ

ففَرجُ المرأةِ كالأرضِ والنُّطفةِ كالبَذرِ والوَلدُ كالنَّباتِ والحَرثُ بمعنَى المُحتَرَثِ (٢).


(١) «الإنصاف» (٨/ ٣٣)، و «كشاف القناع» (٥/ ١٦).
(٢) «شرح مختصر خليل» (٣/ ١٦٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٥)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٤٨٣)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٥٣٣، ٥٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>