للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ميقاتُ الحَرميِّ والمَكيِّ:

اتَّفَق فُقهاءُ المَذاهبِ الأربعةِ وغيرُهم على أنَّ من كان من هذَين الصِّنفَين، بأنْ كان مَنزلُه في الحَرمِ أو في مكةَ، سَواءٌ كان مُقيمًا أو غيرَ مُقيمٍ -أي: نازِلًا- فإنَّه يُحرِمُ بالحَجِّ من حيثُ أنشَأ؛ لقولِ النَّبيِّ : «فمَن كان دونَ ذلك فمن حيثُ أنشَأ، حتى أهلُ مكةَ من مكةَ» (١).

ولأنَّ أصحابَ النَّبيِّ لمَّا فسَخوا الحَجَّ أمَرهم فأحرَموا من مكةَ، قال جابرٌ: «أمَرنا النَّبيُّ لمَّا أحلَلْنا أنْ نُحرِمَ إذا تَوجَّهنا إلى منًى، قال: فأهلَلنا من الأبطَحِ» (٢).

وهذا يَدلُّ على أنَّه لا فرقَ بينَ قاطِني مكةَ وبينَ غيرِهم ممَّن هم بها، كالمُتمتِّعِ إذا حلَّ، ومن فسَخ حجَّه بها.

إلا أنَّ الفُقهاءَ قد اختلَفوا في بعضِ التَّفاصيلِ:

فمَذهبُ الحَنفيةِ أنَّ من كان مَكيًّا أو مَنزلُه في الحَرمِ كسُكانِ منًى فميقاتُه الحَرمُ للحَجِّ والقِرانِ، ومن المَسجدِ أفضلُ؛ لأنَّ الإحرامَ عِبادةٌ، وإتيانُ العِبادةِ في المَسجدِ أوْلى، كالصَّلاةِ، أو من دُويرةِ أهلِه، أو حيثُ شاءَ من الحَرمِ، وهو قَولٌ عندَ الشافِعيةِ بالنِّسبةِ للمَكيِّ فقط.


(١) حَديثٌ صَحيحٌ: تقدَّم.
(٢) رواه مسلم (١٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>