للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو يَصرِفُه في مُحرَّمٍ، كقِمارٍ وغِناءٍ وشراءِ المُحرَّماتِ؛ كالخَمرِ وآلاتِ اللَّهوِ؛ لأنَّ العُرفَ يَعُدُّ مَنْ صَرَفَ مالَه في ذلك سَفيهًا مُبذِّرًا، وقد يُعَدُّ الشَّخصُ سَفيهًا بصَرفِه مالَه في المُباحِ، ففي الحَرامِ أوْلَى.

بخِلافِ صَرفِه في بابِ بِرٍّ، كصَدَقةٍ وغَزوٍ وحَجٍّ، أو صَرفِه في مَطعَمٍ ومَشرَبٍ ومَلبَسٍ ومَنكَحٍ لا يَليقُ به، فليس بتَبذيرٍ، إذ لا إسرافَ في الخَيرِ.

قال في «الاختياراتِ»: الإسرافُ ما صَرَفه في المُحرَّماتِ أو كان صَرفُه في المُباحِ يَضُرُّ بعيالِه، أو كان وَحدَه ولَم يَثِقْ بإيمانِه، أو أسرَفَ في مُباحٍ قَدْرًا زائِدًا على المَصلَحةِ. انتَهى.

والفَرقُ بينَ الإسرافِ والتَّبذيرِ أنَّ الإسرافَ صَرفُ الشَّيءِ فيما يَنبَغي زائِدًا على ما يَنبَغي، والتَّبذيرُ صَرفُ الشَّيءِ فيما لا يَنبَغي (١).

هل يُشترَطُ حُكمُ الحاكِمِ لِلحَجرِ على السَّفيهِ؟

اختَلَف الفُقهاءُ فيما لو بَلَغ الإنسانُ رَشيدًا ودُفِعَ إليه مالُه ثم عاد لِلسَّفَهِ والتَّبذيرِ، هل يُحجَرُ عليه بالسَّفَهِ نَفْسِه؟ أم لا بُدَّ مِنْ حُكمِ القاضي؟

فذهَب المالِكيَّةُ في المَشهورِ والشافِعيَّةُ في المَذهبِ والحَنابِلةُ وأبو يُوسُفَ مِنَ الحَنفيَّةِ إلى أنَّ السَّفيهَ لا يَحجُرُ عليه إلا القاضي، لا غَيرُه مِنْ أبٍ أو جَدٍّ؛ لأنَّ وِلايَتَهم زالَتْ بفَكِّ الحَجْرِ الأوَّلِ عنه؛ ولأنَّه في مَحَلِّ


(١) «الشرح الكبير» (٤/ ٥١٧)، و «المبدع» (٤/ ٣٣٤)، و «الإنصاف» (٥/ ٣٢٢)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥١٩)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٤٧٩)، و «مطالب أولى النهى» (٣/ ٤٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>