للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيعُ شيءٍ من الأُضحيَّةِ والانتِفاعُ بها:

لا خِلافَ بينَ فُقهاءِ الأُمَّةِ على جوازِ الانتِفاعِ بالضَّحيَّةِ بجُلودِها وجِلالِها؛ لأنَّه جُزءٌ منها فجازَ للمُضحِّي الانتِفاعُ به كاللَّحمِ، وكان عَلقَمةُ ومَسروقٌ يَدبُغان جِلدَ أُضحيَّتِهما يُصلِّيان عليه.

ورَوت عائشةُ قالَتْ: قلتُ: «يا رَسولَ اللهِ قد كانوا يَنتفِعون من ضَحاياهم يَحمِلون منها الوَدكَ ويَتخِذون منها الأسقيةَ، قال: وما ذاك؟ قالت: نهَيتَ عن إمساكِ لُحومِ الأضاحيِّ فوقَ ثَلاثٍ، قال: إنَّما نَهيتُكم للدافَّةِ التي دفَّت، فكُّوا وتَزوَّدوا وتَصدَّقوا» حَديثٌ صَحيحٌ رَواه مالكٌ عن عَبدِ اللهِ بنِ أبي بَكرٍ عن عَمرةَ عن عائشةَ .

ولأنَّه انتِفاعٌ به فجازَ كلَحمِها.

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختَلفُوا هل يَجوزُ أنْ يَبيعَ شيئًا منها كجِلدِها أو لَحمِها أو لا يَجوزُ؟

فذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّه لا يَجوزُ بَيعُ شيءٍ مِنْ لَحمِها ولا جِلدِها ولا شَعرِها ولا غيرِ ذلك، لأنَّها خرَجت قُربةً للهِ ، والقُربُ لا تَقبلُ المُعاوضةَ، وإنَّما أباحَ اللهُ الانتِفاعَ بها من أكلٍ وصَدقةٍ وعَطيَّةٍ، ولا تَنافيَ بينَ مِلكِ الانتِفاعِ ومَنعِ البَيعِ، وسَواءٌ كانت واجبةً أو تطوُّعًا، لأنَّها تَعيَّنت بالذَّبحِ؛ لأنَّ النَّبيَّ «أمَر بقَسمِ جُلودِها وجِلالِها، ولنَهيِه أنْ يُعطَى الجازرُ شيئًا منها»، ولأنَّه

<<  <  ج: ص:  >  >>