اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ وجَماهيرُ العُلماءِ من الصَّحابةِ والتابِعينَ على أنَّ اللِّحيةَ إنْ كانَت كَثيفةً؛ فإنَّه يَجبُ غَسلُ ظاهِرِها ولا يَجبُ غَسلُ باطِنِها ولا البَشرةِ تحتَها.
أمَّا إذا كانَت اللِّحيةُ خَفيفةً تُرى بَشرتُها فاختَلَفوا فيها:
فذهَبَ الحَنفيةُ في الصَّحيحِ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه يَجبُ غَسلُ ظاهِرِها وباطِنِها والبَشرةِ تحتَها؛ لقَولِه تَعالى: ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾، وهذه البَشرةُ من الوَجهِ ويَقعُ بها المُواجهةُ؛ ولأنَّه مَوضعٌ ظاهِرٌ من الوَجهِ فأشبَهَ الخَدَّ ويُخالِفُ الكَثيفَ؛ فإنَّه يَشقُّ إيصالُ الماءِ إليه بخِلافِ هذا.
أمَّا ما ذكَرَه الكاسانِيُّ ﵀: مِنْ أنَّه إذا نبَتَ الشَّعرُ يَسقطُ غَسلُ ما تحتَه عندَ عامةِ العُلماءِ كَثيفًا كانَ أو خَفيفًا؛ لأنَّ ما تحتَه خرَجَ من أنْ يَكونَ وَجهًا؛ لأنَّه لا يُواجِهُ به.
فقد قالَ ابنُ عابِدينَ ﵀: وكَلامُه هذا مَحمولٌ على إذا لم تُرَ بَشرتُها كما يُشيرُ إليه التَّعليلُ، فالخَفيفةُ قِسمانِ.
ضابِطُ اللِّحيةِ الكَثيفةِ واللِّحيةِ الخَفيفةِ:
ذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ في الأصَحِّ عندَهم إلى أنَّ ما ستَرَ البَشرةَ عن الناظِرِ في مَجلسِ التَّخاطُبِ فهو كَثيفٌ، وما لا فهو خَفيفٌ.