للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكمُ شَرابِ الخَليطَينِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ خَلطِ نَوعَينِ مِنْ الأشياءِ التي مِنْ شأنِها أنْ تَقبلَ الانتِباذَ كنَبذِ تَمرٍ مع زَبيبٍ أو بُسرٍ مع تَمرٍ أو رُطبٍ، هل هو حَرامٌ أم مَكروهٌ أم جائِزٌ؟

فذهَبَ المالِكيةُ إلى أنه يُكرَهُ شُربُ شَرابِ مَخلوطَينِ كزَبيبٍ وتَمرٍ أو تينٍ أو مشمشٍ أو نحوِ ذلكَ، وذلكَ النهيُ في صُورتَينِ:

إحداهُما: أنْ يُخلَطَا عندَ الانتِباذِ بأنْ يُفضخَ التمرُ والعِنبُ مَثلًا وبعدَ هَرسِهما أو دَقِّهما معًا يُصَبُّ عليهِما الماءُ ويُتركانِ حتى يَصيرَ الماءُ حُلوًا.

والصورةُ الثانيةُ: أنْ يُنبذَ كلُّ واحدٍ على حِدَتِه في إناءٍ، فإذا خرَجَ ماءُ كلٍّ يُخلَطانِ عندَ الشربِ.

ومَحلُّ الكَراهةِ حيثُ أمكَنَ الإسكارُ ولم يَحصلْ بالفعلِ، بأنْ طالَ زَمنُ النَّبذِ كاليَومِ والليلةِ فأعلَى، لا إنْ قَرُبَ الزمنُ فمُباحٌ، ولا إنْ دخَلَه الإسكارُ ولو ظنًّا فحَرامٌ نَجسٌ.

وفي قَولٍ عندَ المالِكيةِ أنه يَحرمُ خَلطُ شَرابينِ مُطلَقًا مِنْ الأشياءِ التي مِنْ شأنِها أنْ تَقبلَ الانتباذَ كالبُسرِ والرُّطبِ والتمرِ والزَّبيبِ وإنْ لم يَشتدَّ؛ لِما رَواهُ مسلمٌ في صَحيحِه عن جَابر بنِ عبدِ اللهِ الأنصاريُّ «أنَّ النبيَّ نهَى أنْ يُخلَطَ الزَّبيبُ والتَّمرُ، والبُسرُ والتَّمرُ»، وفي لَفظٍ: «نهَى أنْ يُنبذَ التَّمرُ والزَّبيبُ جَميعًا، ونهَى أنْ يُنبَذَ الرُّطبُ والبُسرُ جَميعًا»، وفي لَفظٍ: «لا تَجمعُوا بينَ الرُّطبِ والبُسرِ وبينَ الزَّبيبِ والتَّمرِ نَبيذًا»، وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>