وأمرُ النبيِّ ﷺ عبدَ الرَّحمنِ بنَ عَوفٍ بأنْ يُولِمَ ولو بشاةٍ مَحمولٌ على الاستِحبابِ؛ بدَليلِ ما ذكَرْناه وكَونِه أمَرَ بشاةٍ، ولا خِلافَ في أنها لا تَجبُ، ولو كانَ الأمرُ فيهِ للوُجوبِ لَوجبَتْ، وهي لا تَجبُ إجماعًا لا عَينًا ولا كِفايةً، وما ذكَرُوه مِنْ المعنَى لا أصلَ له، ثمَّ هو باطِلٌ بالسلامِ؛ لأنه ليسَ بواجِبٍ وإجابةُ المسلِّمِ واجِبةٌ (١).
حُكمُ إجابةِ الوَليمةِ:
اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ إلا قولًا للشافِعيةِ على أنَّ الإنسانَ إذا دُعيَ إلى وَليمةِ غيرِ العُرسِ أنه لا يَجبُ عليهِ حُضورُها.
واختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ الإجابةِ إلى وَليمةِ العُرسِ لمَن دُعيَ إليها، هل يَجبُ عليهِ الإجابةُ؟ أم لا يَجبُ عليه ويُستحَبُّ فقطْ؟
فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ في المَشهورِ والشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ مَنْ دُعيَ إلى وَليمةٍ عرسِ بعَينِه ولم يَكنْ بها لَهوٌ مُحرَّمٌ لَزمَه أنْ يُجيبَ ولو كانَ صائِمًا، إلا مِنْ عُذرٍ، فإنْ لم
(١) «الاختيار» (٤/ ٢٢٢)، و «البناية شرح الهداية» (١٢/ ٨٤)، و «التمهيد» (٢/ ١٨٩)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٦٢٧)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٣٠١، ٣٠٢)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ١٩٩)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٨٣، ٨٤)، و «الحاوي الكبير» (٨/ ٥٥٦، ٥٥٧)، و «البيان» (٩/ ٤٨١)، و «روضة الطالبين» (٥/ ١٩٦)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٣٧١، ٣٧٣)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٤٠٠، ٤٠١)، و «شرح صحيح مسلم» (٩/ ٢١٧)، و «المغني» (٧/ ٢١٢)، و «كشاف القناع» (٥/ ١٨٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٢٨٩)، و «منار السبيل» (٣/ ٣٢).