للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قالَ قومٌ: تُرَدُّ إليه امرأتُه.

وحُجةُ الفريقِ الأولِ قولُ رسولِ اللهِ : «لا سَبيلَ لكَ عليها»، ولم يَستثْنِ، فأطلقَ التَّحريم.

وحُجةُ القولِ الثاني أنه إذا أَكذَبَ نفسَه فقدْ بطَلَ حكمُ اللعانِ، فكَمَا يَلحقُ به الولدُ كذلكَ تُرَدُّ المرأةُ عليهِ؛ وذلكَ أنَّ السببَ المُوجِبَ للتحريم إنما هو الجهلُ بتَعيينِ صِدْقِ أحدِهما معَ القطعِ بأنَّ أحدَهما كاذبٌ، فإذا انكَشفَ ارتَفعَ التَّحريمُ (١).

النَّوعُ الخامِسُ: نِساءُ النبيِّ -:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ نِساءَ النبيِّ محرَّماتٌ على الأمَّةِ مِنْ بعدِه، ولا يَجوزُ لأحدٍ أنْ يتزوَّجَهنَّ، ومَنِ استَحلَّ ذلك كَفَرَ؛ لقولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (٥٣)[الأحزاب: ٥٣]، وهذا ممَّا خَصَّ بهِ اللهُ تعالَى به رسولَهُ مِنَ الكَرامةِ، فقدْ خُصَّ بأحكامٍ وشُرِّفَ بمَعالمَ ومَعانٍ لم يُشاركْه فيها أحدٌ؛ تَمييزًا لشَرفِهِ وتَنبيهًا على مَرتبتِه، وخَصَّ به أزواجَه مِنَ الفضيلةِ أنْ جعَلَهنَّ أمَّهاتِ المؤمنينَ فقالَ ﷿: ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ [الأحزاب: ٦]، يعني اللَّاتي ماتَ عنهنَّ، وهنَّ تِسعٌ، فيَجري عليهنَّ أحكامُ الأمَّهاتِ، فيَحرمُ نكاحُهنَّ حتى لا يَحللْنَ لأحدٍ بعدَه مِنَ الخَلقِ كما


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>