المَنفَعةِ فيه شَرعيٌّ لا حِسِّيٌّ، ولأنَّ ثُبوتَ العَقدِ على المَنفَعةِ لا يَمنَعُ بَيعَ الرَّقَبةِ، كالأَمَةِ المُزوَّجةِ.
وَمُقابِلُ الأظهَرِ عندَ الشافِعيَّةِ: لا يَصحُّ بَيعُها لِغَيرِ المُستَأجِرِ؛ لأنَّ يَدَ المُستَأجِرِ حائِلةٌ تَمنَعُ التَّسليمَ إلى المُشتَرِي، فمُنِعَتِ الصِّحَّةُ، كَما في بَيعِ المَغصوبِ.
وَهَل تَنفَسِخُ الإجارةُ أو لا؟
ذَهَبَ الشافِعيَّةُ في وَجهٍ، والحَنابِلةُ في وَجْهٍ إلى أنَّ الإجارةَ تَنفَسِخُ فيما بَقِيَ مِنْ المدَّةِ؛ لأنَّ الإجارةَ والمِلْكَ لا يَجتَمِعانِ؛ لأنَّه عَقدٌ على مَنفَعةِ العَينِ، فبَطَلَ مِلْكُ العاقِدِ لِلعَينِ، كالنِّكاحِ؛ فإنَّه لَو تَزوَّجَ أَمَةً ثم اشتَراها بَطَلَ نِكاحُه، ولأنَّ مِلْكَ الرَّقَبةِ يَمنَعُ ابتِداءَ الإجارةِ، فمُنِعَ استَدامَتُها، كالنِّكاحِ.
فعلى هذا يَسقُطُ عن المُشتَرِي الأجْرُ فيما بَقِيَ مِنْ مدَّةِ الإجارةِ، ويَرجِعُ المُستَأجِرُ على المُؤجِّرِ بأُجرةِ بَقيَّةِ المدَّةِ، كَما لَو بَطَلَتِ الإجارةُ بتَلَفِ العَينِ، وإنْ كانَ المُؤجِّرُ قد قَبَضَ الأجْرَ كلَّه حَسَبَ عليه بَقيَّةَ الأجْرِ مِنْ الثَّمنِ.
والصَّحيحُ عندَ الشافِعيَّةِ والوَجِهُ الآخَرُ لِلحَنابِلةِ هو قولُ المالِكيَّةِ بأنَّ الإجارةَ لا تَنفَسِخُ ببَيعِ العَينِ المُستَأجَرةِ؛ لأنَّه تَملكَ المَنفَعةَ بعَقدٍ، ثم ملكَ الرَّقَبةَ المَسلوبةَ بعَقدٍ آخَرَ، فلَم يَتنافَيا، كَما يَملِكُ الثَّمرةَ بعَقدٍ، ثم يَملِكُ الأصْلَ بعَقدٍ آخَرَ، ولَو أجَّرَ المُوصَى له بالمَنفَعةِ مالِكَ الرَّقَبةِ، صَحَّتِ الإجارةُ، فدَلَّ على أنَّ مِلْكَ المَنفَعةِ لا يُنافِي العَقدَ على الرَّقَبةِ، وكذلك لَوِ استَأجَرَ المالِكُ العَينَ المُستَأجَرةَ مِنْ مُستَأجِرِها، جازَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute