للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومِثلُ ذلك لو عزَمَ على السَّفرِ في وَقتٍ عجَزَ فيه عن المالِكِ والوَكيلِ والحاكِمِ فسافَرَ بها، فالأَصحُّ أنَّه لا ضَمانَ؛ لئلَّا يَنقطعَ عن مَصالحِه ويَنفرَّ الناسُ عن قَبولِ الوَدائعِ.

وإنْ حدَثَ له في الطَّريقِ خَوفٌ أَقامَ بها، فإنْ هجَمَ عليه قُطاعُ الطَّريقِ فطرَحَها بمَضيعةٍ ليَحفظَها فضاعَت ضمِنَ، وكذا إنْ دفَنَها خَوفًا منهم عندَ إِقبالِهم ثُم أضَلَّ مَوضعَها (١).

الحالَةُ الرَّابعةُ: أنْ يُودعَه في السَّفرِ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأَربعةِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ على أنَّ المُودِعَ إذا أودَعَ وَديعةً في السَّفرِ فللمُودَعِ أنْ يُسافِرَ بها؛ لأنَّ الإِيداعَ في السَّفرِ يَقتضي السَّفرَ بها، فإنْ سافَرَ بها وتلِفَت بالسَّفرِ فلا ضَمانَ عليه؛ لأنَّ إِيداعَ المالِكِ له في هذه الحالَةِ يَقتضي الإِذنَ في السَّفرِ.

قالَ الحَنابِلةُ: فإنْ هجَمَ قُطاعُ الطَّريقِ عليه فأَلقى المَتاعَ المُودَعَ إِخفاءً له وضاعَ فلا ضَمانَ عليه؛ لأنَّ هذا عادَةُ النَّاسِ في حِفظِ أَموالِهم (٢).


(١) «المهذب» (١/ ٣٦٠، ٣٦١)، و «البيان» (٦/ ٤٨٢، ٤٨٣)، و «الحاوي الكبير» (٨/ ٣٥٧، ٣٦٠)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٣٥١، ٣٥٤)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٣٦، ١٣٧)، و «الديباج» (٣/ ١١١، ١١٢)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٣١٥، ٣١٩).
(٢) «كشاف القناع» (٤/ ٢١٢، ٢١٣)، ويُنْظَر: «المعونة» (٢/ ١٨٣)، و «البيان» (٦/ ٤٨٢)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٣٨)، و «حاشية قليوبي» (٣/ ٤٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>