للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ قُدامةَ : والجِهادُ من فُروضِ الكِفاياتِ في قَولِ عَوامِّ أهلِ العِلمِ.

ومَعنى الكِفايةِ في الجِهادِ: أنْ يَنهَضَ للجِهادِ قَومٌ يَكفُونَ في قِتالِهم، إمَّا أنْ يَكونوا جُندًا لهم دَواوينُ من أجلِ ذلك، أو يَكونوا قد أعَدُّوا أنفُسَهم له تَبرُّعًا بحيثُ إذا قصَدَهم العَدوُّ حصَلَت المَنَعةُ بهم، ويَكونُ في الثُّغورِ مَنْ يَدفَعُ العَدوَّ عنها، وفي كلِّ سَنةٍ يُبعَثَ جَيشٌ يُغيرونَ على العَدوِّ في بِلادِهم (١).

مَتى يَصيرُ الجِهادُ فَرضَ عَينٍ؟

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ الجِهادَ يَصيرُ فَرضَ عَينٍ في كلٍّ من الحالاتِ الآتيةِ:

١ - إذا هجَمَ العَدوُّ على بَلدٍ من بِلادِ المُسلِمينَ: يَتعيَّنُ عليهم الدَّفعُ ولو كانَ امرأةً، ولو بغيرِ إذْنِ زَوجِها، أو صَبيًّا، ولو بغيرِ إذْنِ أبَوَيْه.

٢ - أو هجَمَ على مَنْ بقُربِهم وليسَ لهم قُدرةٌ على دَفعِه، فيَتعيَّنُ على مَنْ كانَ بمَكانٍ مُقارِبٍ لهم أنْ يُقاتِلوا معهم إنْ عجَزَ مَنْ فَجَأهم العَدوُّ عن الدَّفعِ عن أنفُسِهم، فإنْ عجَزوا وجَبَ على مَنْ يَلونَهم من المُسلِمينَ أنْ يُشارِكوا بكل ما يَقدِرونَ عليه، فإنْ عجَزوا انتقَل إلى مَنْ يَلونَهم من المُسلِمينَ، ومَحلُّ التَّعيُّنِ على مَنْ بقُربِهم إنْ لم يَخشَوْا على نِسائِهم وبُيوتِهم مِنْ عَدوٍّ بتَشاغُلِهم بمُعاوَنةِ مَنْ فَجَأهم العَدوُّ، وإلا تَرَكوا إعانتَهم.


(١) «المغني» (٩/ ١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>