فَرعٌ في مَذاهِبِ العُلماءِ فيما إذا رأى الهِلالَ أهلُ بَلدٍ دونَ غَيرِهم:
مَذهَبُنا، ونقَل ابنُ المُنذِرِ عن عِكرِمةَ والقاسِمِ وسالِمٍ وإسحاقَ بنِ رَاهَوَيْهِ أنَّه لا يَلزَمُ غَيرَ أهلِ بَلدِ الرُّؤيةِ، وعن اللَّيثِ والشافِعيِّ وأحمدَ: يَلزَمُ الجَميعَ، قال: ولا أعلَمُه إلا قَولَ المَدنيِّ والكُوفيِّ، يَعني مالِكًا وأبا حَنيفةَ (١).
حُكمُ الصِّيامِ في البِلادِ التي يَطولُ فيها النَّهارُ ويَقصُرُ فيها اللَّيلُ جِدًّا:
مما هو مَعلومٌ أنَّ اللهَ ﷾ أمرَ بالإمساكِ عن المُفطِراتِ من طُلوعِ الفَجرِ إلى اللَّيلِ.
ولكنْ في بَعضِ الأماكِنِ كالدُّولِ الإسكندنافيةِ في شَمالِ أوروبا يَكونُ عندَهم اللَّيلُ أشهُرًا والنَّهارُ أشهُرًا، فكيف يَصومُ أهلُ تلك البِلادِ؟
وكذلك إذا كان النَّهارُ طَويلًا واللَّيلُ قَصيرًا جِدًّا بحيث لا يَقدِرون على الإفطارِ، كيف يَصومُ هؤلاءِ؟ فهذه المَسألةُ لم تُعرَفْ عندَ المُتقدِّمين من الفُقهاءِ لأنَّ هذا لم يَكُنْ مَوجودًا في البِلادِ التي فُتِحت آنَذاك، وأوَّلُ مَنْ تَكلَّم في هذا من الفُقهاءِ فيما وَقفتُ عليه هو الإمامُ السُّيوطيُّ ﵀ من فُقهاءِ الشافِعيَّةِ، وحَكاه عمَّن تَقدَّمه من العُلماءِ، ثم تَبِعه في ذلك الإمامُ ابنُ عابِدين من فُقهاءِ الحَنفيَّةِ.
وكانت صُورةُ المَسألةِ عندَهم في حُكمِ الصِّيامِ في البِلادِ التي يَطلُعُ الفَجرُ فيها بعدَ غُروبِ الشَّمسِ مُباشَرةً بحيث لا يَستطيعون الإفطارَ، أو إذا صَلَّوُا المَغرِبَ طلَع الفَجرُ ولم يَستطيعوا الإفطارَ.