للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرطُ الخامِسُ: أنْ يَكونَ المُوصَى له مُسلمًا:

لا خِلافَ بينَ عُلماءِ الأُمةِ على أنَّ الوَصيةَ للمُسلمِ صَحيحةٌ، سَواءٌ كانَت من مُسلمٍ له أو مِنْ كافِرٍ، إلا أنَّ الفُقهاءَ اختلَفوا في الوَصيةِ لغيرِ المُسلمِ هل تَجوزُ أو لا؟ وبَيانُ ذلك فيما يَلي:

أ- الوَصيةُ للذِّميِّ:

ذهَبَ عامةُ أهلِ العِلمِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ في المَذهبِ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ وغيرُهم إلى أنَّ الوَصيةَ للذِّميِّ صَحيحةٌ بدونِ كَراهةٍ؛ لقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ … ﴾ الآيةَ، ولمَا رُويَ «أنَّ صَفيةَ زَوجَ النَّبيِّ قالَت لأخٍ لها يَهوديٍّ: أَسلِمْ تَرِثْني، فسمِعَ بذلك قَومُه فقالوا: أتَبيعُ دِينَك بالدُّنيا؟ فأبَى أنْ يُسلمَ، فأَوصَت له بالثُّلثِ» (١) ولأنَّه يَجوزُ التَّصدُّقُ عليه في الحَياةِ جازَ بعدَ المَماتِ؛ لأنَّهم بعَقدِ الذِّمةِ ساوَوُا المُسلمينَ في المُعامَلاتِ، ولهذا جازَ التَّبرعُ من الجانبَينِ في حالةِ الحَياةِ، فكذا في حالةِ المَماتِ.

قالَ النَّوويُّ : الوَصيةُ للذِّميِّ صَحيحةٌ بلا خِلافٍ (٢).

وقالَ الإِمامُ ابنُ حَزمٍ : والوَصيةُ للذِّميِّ جائِزةٌ ولا نَعلمُ في هذا خِلافًا، وقد قالَ : «في كلِّ ذي كَبدٍ رَطبةٍ أَجرٌ» (٣) (٤).


(١) رواه البيهقي في «السنن الكبرى» (١٢٤٣٠).
(٢) «روضة الطالبين» (٤/ ٣٧١).
(٣) أخرجه البخاري (٦٠٠٩)، ومسلم (٢٢٤٤).
(٤) «المحلى» (٩/ ٣٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>