للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ أَبو حَنيفةَ: لا يَجوزُ له ذلك بعدَ المَوتِ بحالٍ، ولا يَجوزُ في حَياتِه إلا بحَضرتِه؛ لأنَّه غرَّه بالتِزامِ وَصيَّتِه ومنَعَه بذلك الإِيصاءَ إلى غيرِه.

وذكَرَ ابنُ موسى في «الإِرشادِ» رِوايةً عن أَحمدَ ليسَ له عَزلُ نَفسِه بعدَ المَوتِ لذلك.

ولنا: أنَّه مُتصرِّفٌ بالإِذنِ فكانَ له عَزلُ نَفسِه كالوَكيلِ (١).

إذا فُكَّ الحَجرُ عن الصَّغيرِ واختَلفَ هو والوَصيُّ في قَدرِ النَّفقةِ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ على أنَّ الوَصيَّ إذا أنفَقَ على الصَّغيرِ ثم بلَغَ ونازَعَه في الإِنفاقِ عليه بأنِ اختَلَفا فيها؛ فإنَّ الوَصيَّ يُصدَّقُ في ذلك بيَمينِه في قَدرِ النَّفقةِ أو في أَصلِ الإِنفاقِ إذا كانَ ذلك نَفقةَ مِثلِه أو يُشبِهُها؛ لعُسرِ إِقامةِ البَيِّنةِ على ذلك، وهو أَمينٌ؛ لأنَّه مُسلَّطٌ على الإِنفاقِ بنَفقةِ المِثلِ شَرعًا، وزادَ المالِكيةُ شَرطًا أنْ يَكونَ في حِجرِه، فإنْ لم يَكنْ في حِجرِه لا يُقبَلْ.

أمَّا إنِ ادَّعى الوَصيُّ الزِّيادةَ على النَّفقةِ بالمَعروفِ لم يُقبَلْ قَولُه فيما زادَ؛ لأنَّه إمَّا كاذِبٌ أو مُفرِّطٌ، ولا يُصدَّقُ في الفَضلِ؛ لأنَّه ليسَ بمُسلَّطٍ عليه شَرعًا؛ لأنَّه إِسرافٌ فلا يُصدَّقُ بيَمينِه (٢).


(١) «المغني» (٦/ ١٤٦).
(٢) «الأشباه والنظائر» (١/ ٢٧٥)، و «الدر المختار» (٦/ ٧١٩)، و «تنقيح الفتاوى الحامدية» (٧/ ٢٣٨، ٢٣٩)، و «مجمع الأنهر» (٢/ ٨٢٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٥٣٨، ٥٣٩)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ١٩٥)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٥٨٩)، و «حاشية الصاوي» (١١/ ٥٣)، و «المهذب» (١/ ٤٦٤)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٥٧١)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٣٣٧)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٢٩)، و «الكافي» (٢/ ٥٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>