للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شُروطُ صِحَّةِ الفِطرِ في السَّفرِ:

يُشترَطُ في السَّفرِ المُرخِّصِ في الفِطرِ ما يَلي:

أ- أنْ يَكونَ السَّفرُ طَويلًا ممَّا تُقصَرُ فيه الصَّلاةُ.

قال ابنُ رُشدٍ : وأمَّا المَعنى المَعقولُ من إجازةِ الفِطرِ في السَّفرِ فهو المَشقَّةُ، ولَمَّا كانت لا تُوجَدُ في كلِّ السَّفرِ، وجَب أنْ يَجوزَ الفِطرُ في السَّفرِ الذي فيه المَشقَّةُ.

ولَمَّا كان الصَّحابةُ كأنَّهم مُجمِعون على الحَدِّ في ذلك، وجَب أنْ يُقاسَ ذلك على الحَدِّ في قَصرِ الصَّلاةِ (١).

وقال الكاسانيُّ : وأمَّا السَّفرُ فالمُرخَّصُ منه هو مُطلَقُ السَّفرِ المُقدَّرِ، والأصلُ فيها قَولُ اللهِ تَعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٤]، أي: فمَن كان منكم مَريضًا، أو على سَفرٍ فأفطَر بعُذرِ المَرضِ والسَّفرِ، فعِدَّةٌ من أيامٍ أُخَرَ، دَلَّ على أنَّ المَرضَ والسَّفرَ سبَبَا الرُّخصةِ، ثم السَّفرُ والمَرضُ -وإنْ أُطلِقَ ذِكرُهما في الآيةِ- المُرادُ منهما المُقيَّدُ؛ لأنَّ مُطلَقَ السَّفرِ ليس بسَببِ الرُّخصةِ: لأنَّ حَقيقةَ السَّفرِ هي الخُروجُ عن الوَطنِ، أو الظُّهورُ، وذا يَحصُلُ بالخُروجِ إلى الضَّيعةِ، ولا تَتعلَّقُ به الرُّخصةُ، فعُلِم أنَّ المُرخَّصَ سَفرٌ مُقدَّرٌ بتَقديرٍ مَعلومٍ، وهو الخُروجُ عن الوَطنِ على قَصدِ مَسيرةِ ثَلاثةِ أيَّامٍ فصاعِدًا عندَنا (٢).


(١) «بداية المجتهد» (١/ ٤٠٨).
(٢) «البدائع» (٢/ ٦٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>