للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه نَظرٌ، ومَذهبُ ابنِ حَزمٍ أنْ يُقضَى بالمُطلقِ على المُقيدِ؛ لأنَّ المُطلقَ فيه زِيادةُ مَعنًى، فمَن كانَ رأيُه القَضاءَ بالمُقيدِ على المُطلقِ وحمَلَ اسمَ الصَّعيدِ الطَّيبِ على التُّرابِ لم يُجِزِ التَّيممَ إلا بالتُّرابِ، ومَن قضَى بالمُطلقِ على المُقيدِ وحمَلَ اسمَ الصَّعيدِ على كلِّ ما على وَجهِ الأرضِ من أَجزائِها أجازَ التَّيممَ بالرَّملِ والحَصى.

وأمَّا إِجازةُ التَّيممِ بما يَتولَّدُ منها فضَعيفٌ؛ إذْ كانَ لا يَتناولُه اسمُ الصَّعيدِ؛ فإنَّ أعَمَّ دِلالةٍ لاسمِ الصَّعيدِ أنْ يَدلَّ على ما تَدلُّ عليه الأرضُ، لا أنْ يَدلَّ على الزَّرنيخِ والنَّورةِ، ولا على الثَّلجِ والحَشيشِ، واللهُ المُوفِّقُ للصَّوابِ، والاشتِراكُ الذي في اسمِ الطَّيِّبِ أيضًا من دَواعي الخِلافِ (١).

التَّيممُ بتُرابٍ مُستعمَلٍ:

اختَلفَ الفُقهاءُ هل يُشترطُ في التُّرابِ المُتيمَّمِ به أنْ يَكونَ غيرَ مُستعمَلٍ في تَيممٍ أو يَجوزُ التَّيممُ به ولو كان تَيممَ به غيرُه من قَبلُ؟

فذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّ ما استُعملَ في التَّيممِ لا يَتيممُ به ثانيةً كالماءِ المُستعملِ، وزادَ الحَنابِلةُ المَغصوبَ ونَحوَه فلا يَجوزُ التَّيممُ به.

وقالَ أبو حَنيفةَ وأحمدُ في الرِّوايةِ الثانيةِ: يَجوزُ التَّيممُ به ثانيةً؛ لأنَّه لم يَرفعِ الحَدثَ كما يَقولُ الحَنابِلةُ (٢).


(١) «بداية المجتهد» (١/ ٥١، ٥٢).
(٢) المصادر السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>