للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإنْ فارَقَ أحَدُهما الآخَرَ مُكرَهًا احتَمَلَ بُطلانَ الخِيارِ؛ لِوُجودِ غايَتِه، وهي التَّفرُّقُ، ولأنَّه يُعتبَرُ رِضاه في مُفارَقةِ صاحِبِه له، فكذلك في مُفارَقَتِه لِصاحِبِه، وقالَ القاضي: لا يَنقطِعُ الخِيارُ؛ لأنَّه حُكمٌ عُلِّقَ على التَّفرُّقِ، فلَم يَثبُتْ مع الإكراهِ، كما لو عُلِّقَ عليه الطَّلاقُ، ولِأصحابِ الشافِعيِّ وَجهانِ كهذَيْنِ.

فعلى قَولِ مَنْ لا يَرَى انقِطاعَ الخِيارِ إنْ أُكرِهَ أحَدُهما على فُرقةِ صاحِبِه انقطَع خِيارُ صاحِبِه، كما لو هَرَبَ مِنه وفارَقَه بغيرِ رِضاه.

ويَكونُ الخِيارُ لِلمُكرَهِ منهما في المَجلِسِ الذي يَزولُ عنه فيه الإكراهُ حتى يُفارِقَه، وإنْ أُكرِها جَميعًا انقطَع خِيارهُما؛ لأنَّ كُلَّ واحِدٍ منهما يَنقطِعُ خِيارُه بفُرقةِ الآخَرِ له، فأشبَهَ ما لو أُكرِهَ صاحِبُه دُونَه.

وذكَر ابنُ عَقيلٍ مِنْ صُوَرِ الإكراهِ ما لو رَأيا سَبُعًا أو ظالِمًا خَشياه فهَرَبا فَزَعًا مِنه، أو حَملَهما سَيلٌ، أو فَرقَّتْ رِيحٌ بينَهما (١).

الحُكمُ فيما إذا كانَ المُشتَرِي هو البائِعَ:

اختلَف الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ فيما إذا كانَ المُشتَرِي هو البائِعَ، هل يثبُتُ له الخِيارُ أو لا؟

فقالَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ والشافِعيَّةُ في قَولٍ: إنْ كانَ المُشتَرِي هو


(١) «المغني» (٤/ ٦)، ويُنظر: «نهاية المطلب» (٥/ ٢٠، ٢٢)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٩٧، ٩٨)، و «المجموع» (٩/ ١٧١)، و «البيان في مذهب الإمام الشافعي» (٥/ ١٨، ١٩)، و «مغني المحتاج» (٢/ ٤٨٩)، و «نهاية المحتاج» (٤/ ٩، ١١)، و «الديباج» (٢/ ٦٠)، و «النجم الوهاج» (٤/ ١١٣)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٧)، و «المبدع» (٤/ ٦٥)، و «كشاف القناع» (٣/ ٢٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>