للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: المَعادنُ الباطِنةُ:

اختَلفَ الفَقهاءُ في المَعادنِ الباطِنةِ، هل يَجوزُ للإمامِ أنْ يُقطِعَها أم لا؟

فذهَبَ المالِكيةُ -وهم لا يُفرِّقُونَ بينَ المَعادنِ الظاهِرةِ والباطِنةِ- والشافِعيةُ في قولٍ والحَنابلةُ في رِوايةٍ اختارَها ابنُ قُدامةَ إلى أنَّه يَجوزُ للإمامِ أنْ يُقطِعَ المَعادنَ الباطنةَ، وذلك لما رُويَ «أنَّ النَّبيَّ أقطَعَ بِلالَ بنَ الحارثِ المُزنِيَّ مَعادنَ القبليَّةِ (١) جَلسِيَّها وغَورِيَّها، وحيثُ يَصلُحُ الزَّرعُ مِنْ قُدسٍ ولَم يُعطِه حقَّ مُسلمٍ وكتَبَ له النَّبيُّ «بسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، هذا ما أعطَى مُحمدٌ رَسولُ اللَّهِ بِلالَ بنَ الحارِثِ المُزنِيَّ، أَعطاهُ مَعادنَ القبليَّةِ جَلسِيَّها وغَورِيَّها، وحيثُ يَصلُحُ الزَّرعُ مِنْ قُدسٍ، ولَم يُعطِه حقَّ مُسلمٍ» (٢). ولأنَّه يَجوزُ إِقطاعُ ما لا يُملَكُ بالإِحياءِ، كمَقاعدِ الأَسواقِ والطُّرقِ (٣).

قالَ ابنُ قُدامةَ : والصَّحيحُ جَوازُ ذلك؛ لأنَّ النَّبيَّ أقطَعَ لبِلالِ بنِ الحارِثِ مَعادنَ القبليَّةِ جَلسِيَّها وغَورِيَّها (٤).

وقد تَقدَّمَ قولُ المالِكيةِ في المَسألةِ السابِقةِ، وهم لا يُفرِّقونَ بينَ المَعدِنِ الظاهرِ والباطِنِ، فيَجوزُ للإمامِ إِقطاعُه.


(١) قريةُ بينَ مكةَ والمدينةِ: يُقالُ لها الفرعُ. «مغني المحتاج» (٤/ ٤٤٦).
(٢) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (٣٠٦٢، ٣٠٦٣).
(٣) «البيان» (٧/ ٤٩٥، ٤٩٦).
(٤) «المغني» (٥/ ٣٣٣)، و «الكافي» (٢/ ٤٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>