للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقالَ المالِكيةُ في الصَّحيحِ والشافِعيةُ: لا يَنتقِضُ لمَسِّه إلا بباطِنِ الكَفِّ؛ لأنَّ ظاهِرَ الكَفِّ ليسَ بآلةِ اللَّمسِ فأشبَهَ ما لو مَسَّه بفَخذِه (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: لا فرقَ بينَ ظاهِرِ الكَفِّ وباطِنِه لقَولِ النَّبيِّ : «إذا أفضَى أحدُكم بيَدِه إلى فَرجِه وليسَ بينَهما سِترٌ ولا حِجابٌ فليَتوضَّأْ» (٢)، وظاهِرُ كَفِّه من يَدِه، والإفضاءُ اللَّمسُ من غيرِ حائِلٍ؛ ولأنَّه جُزءٌ من يَدِه تَتعلَّقُ به الأَحكامُ المُتعلقةُ على مُطلقِ اليَدِ، أشبَهَ باطِنَ الكَفِّ (٣).

مَسُّ الدُّبرِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ مَنْ مَسَّ دُبرَه هل يَنتقِضُ وُضوؤُه أو لا؟

فذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يَنتقضُ وُضوؤُه ولا فرقَ بينَ مَسِّ القُبلِ ومَسِّ الدُّبرِ في نَقضِ الوُضوءِ لحَديثِ عائِشةَ أنَّ النَّبيَّ قالَ: «مَنْ مَسَّ فَرجَه فليَتوضَّأْ» (٤).

واسمُ الفَرجِ يُطلقُ على القُبلِ والدُّبرِ جَميعًا، ولأنَّه أحدُ سَبيلَيِ الحَدثِ فوجَبَ أنْ يَكونَ مَسُّه حَدثًا كالقُبلِ، فإذا ثبَتَ وُجوبُ الوُضوءِ من مَسِّ الدُّبرِ؛ فإنَّما يَتعلَّقُ بمَسِّ الحَلقةِ دونَ ما قارَبَها واتَّصلَ بها، وهكَذا الوُضوءُ


(١) «الاستذكار» (١/ ٢٤٩)، و «المجموع» (٢/ ٢٤٥).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه ابن حبان في «صحيحه» (١١١٨)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٦٣٠).
(٣) «المغني» (١/ ٢٣٠).
(٤) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه ابن ماجه (٤٨١)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٦١٧)، وهو مروي أيضًا من حديث أبي أيوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>