للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكمُ الأسيرِ إذا أسلَمَ ونطَق الشَّهادتَينِ:

قالَ الحافِظُ ابنُ حَجرٍ : لو أسلَمَ الأسيرُ زالَ القَتلُ اتِّفاقًا (١).

رَوى البُخاريُّ ومُسلِمٌ عن أبي ظِبْيانَ قالَ: سَمِعتُ أُسامةَ بنَ زَيدِ بنِ حارِثةَ يُحدِّثُ قالَ: بعَثَنا رَسولُ اللهِ إلى الحُرَقةِ مِنْ جُهَينةَ فصَبَّحنا القَومَ فهزَمْناهم، ولَحِقتُ أنا ورَجلٌ مِنْ الأنصارِ رَجلًا منهم فلمَّا غَشَيناهُ قالَ: لا إلهَ إلَّا اللَّهُ، فكَفَّ عَنه الأنصاريَّ وطعَنتُه برُمحي حتى قتَلتُه. قالَ فلمَّا قدِمْنا بلَغ ذلك النَّبيَّ فقالَ لي: «يا أُسامةُ، أقتَلتَه بعدَما قالَ: لا إلهَ إلَّا اللَّهُ؟»، قالَ: قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّما كانَ مُتعوِّذًا، قالَ: فقالَ: «أقتَلتَه بعدَما قالَ: لا إلهَ إلَّا اللَّهُ؟»، قالَ: فما زال يُكرِّرُها علَيَّ حتى تَمنَّيتُ أنِّي لم أكُنْ أسلَمتُ قبلَ ذلك اليَومِ (٢).

قالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : ولا خِلافَ بينَ المُسلِمينَ أنَّ الحَربيَّ إذا أسلَمَ عندَ رُؤيةِ السَّيفِ وهو مُطلَقٌ أو مُقيَّدٌ يَصحُّ إسلامُه وتُقبَلُ تَوبَتُه من الكُفرِ، وإنْ كانَت دِلالةُ الحالِ تَقضي أنَّ باطِنَه بخِلافِ ظاهِرِه.

وأيضًا فإنَّ النَّبيَّ كانَ يَقبَلُ من المُنافِقينَ عَلانيَتَهم ويَكِلُ سَرائرَهم إلى اللهِ مع إخبارِ اللهِ له أنَّهم ﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً﴾ [المجادلة ﴿١٦] وأنَّهم ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا


(١) «فتح الباري» (٦/ ١٥٢)
(٢) رواه البخاري (٤٢٦٩)، ومسلم (٢٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>