وعن أحمدَ ثَلاثُ رِواياتٍ، إحداها: أنَّها أجناسٌ مُختلِفةٌ باختِلافِ أُصولِها مُطلَقًا، كمَذهبِ أبي حَنيفةَ، وأحَدِ القَولَيْنِ عن الشافِعيِّ، وعنه رِوايةٌ ثانيةٌ: أنَّها أربَعةُ أجناسٍ: لَحمُ الأنعامِ صِنفٌ، والوُحوشُ صِنفٌ، والطَّيرُ صِنفٌ، وذَواتُ الماءِ صِنفٌ.
وعنه رِوايةٌ ثالِثةٌ: أنَّها كُلَّها صِنفٌ واحِدٌ، كالقَولِ الآخَرِ عن الشافِعيِّ، وهذا -أعني الرِّوايةَ الثَّالثةَ- اختيارُ الخِرَقيِّ.
ففائِدةُ الخِلافِ بينَهم أنَّ مَنْ قالَ: كُلُّها جِنسٌ واحِدٌ لَم يُجِزْ بَيعَ بَعضِها ببَعضٍ على الإطلاقِ مُتماثِلًا، ومَن قالَ: أجناسٌ ثَلاثةٌ أو أربَعةٌ أو مُختلِفةٌ على الإطلاقِ أجازَ بَيعَ كلِّ واحِدٍ مِنها بخِلافِه مِنْ الجِنسِ الآخَرِ مُتفاضِلًا، ولَم يُجِزْه بصِفةٍ إلَّا مُتماثِلًا، وكذلك اختِلافُهم في الألبانِ (١).
بَيعَ الحَيَوانِ بالحَيَوانِ مُتفاضِلاً:
اختلَف الفُقهاءُ في بَيعِ الحَيَوانِ بالحَيَوانِ، هل يَجري فيه الرِّبا أو لا؟ سَواءٌ رِبا الفَضلِ أو رِبا النَّسيئةِ على أربَعةِ أقوالٍ:
القَولُ الأوَّلُ: قَولُ الشافِعيَّةِ والحَنابِلةِ في المَذهبِ أنَّه لا رِبا في الحَيَوانِ مُطلَقًا، لا رِبا فَضلٍ ولا رِبا نَسيئةٍ؛ فيَجوزُ بَيعُ شاةٍ بشاتَيْنِ وبَعيرٍ ببَعيرَيْنِ ودَجاجةٍ بدَجاجَتَيْنِ إلى أجَلٍ، وكذا سائِرُ الحَيَوانِ.
لِما رَوى عَبدُ اللَّهِ بنُ عَمرِو بنِ العاصِ ﵄ قالَ: أمَرَني رَسولُ اللَّهِ ﷺ أنْ أُجهِّزَ جَيشًا، فنَفِدتِ الإبِلُ؛ فأمَرَني أنْ آخُذَ على قِلاصِ -
(١) «الإفصاح» (١/ ٣٦٩، ٣٧٠)، ويُنظر: باقي المصادر السابقة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute