للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يُنقَضُ به عَهدُ الذِّمةِ:

يَنتَهي عَهدُ الذِّمةِ بإِسلامِ الذِّميِّ؛ لأنَّ عَقدَ الذِّمةِ عَقدُ وَسيلةٍ للإِسلامِ، وقد حصَلَ المَقصودُ.

ويُنتقَضُ عَهدُ الذِّمةِ بلُحوقِ الذِّميِّ دارَ الحَربِ أو بغَلبَتِهم على مَوضعٍ يُحارِبوننا منه؛ لأنَّهم صاروا حَربًا علينا، فيَخلو عَقدُ الذِّمةِ عن الفائِدةِ، وهو دَفعُ شَرِّ الحَربِ.

وهذا باتِّفاقِ المَذاهبِ (١).

وجُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ: على أنَّ عَقدَ الذِّمةِ يُنتقَضُ أيضًا بالامتِناعِ عن الجِزيةِ؛ لمُخالَفتِه مُقتَضى العَقدِ (٢).

قالَ الإمامُ الشافِعيُّ : ولا يَكونُ النَّقضُ للعَهدِ إلا بمَنعِ الجِزيةِ أو الحُكمِ بعدَ الإقرارِ والامتِناعِ بذلك، ولو قالَ: «أُؤدِّي الجِزيةَ ولا أُقِرُّ بالحُكمِ»، نُبذَ إليه ولمْ يُقاتَلَ على ذلك في مَكانِه، وقيلَ له: «قد تَقدَّمَ لك أَمانٌ بأدائِك للجِزيةِ وإِقرارِك بها وقد أَجَّلناكَ في أنْ تَخرُجَ من بِلادِ الإسلامِ»، ثم إذا خرَجَ مَبلَغَ مَأمنِه قُتلَ إنْ قُدرَ عليه (٣).


(١) «الهداية مع الفتح» (٥/ ٣٠٣)، و «جواهر الإكليل» (١/ ٢٦٧)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٥٨، ٢٥٩)، و «الأحكام السلطانية» لأبي يعلى ص (١٤٣، ١٤٤).
(٢) «جواهر الإكليل» (١/ ٢٦٩)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٥٨)، و «الأحكام السلطانية» لأبي يعلى (١٤٥)، و «أحكام أهل الذمة» (٢/ ٢٠٩)، و «الأوسط» (١١/ ٣٣١)، وكتابي: «الخلاصة الفقهية على مذهَب السادة المالِكية» (٤٧٦، ٤٧٧).
(٣) «الأم» (٤/ ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>