للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورَوى الشَّافِعيُّ عَنْ مُسلِمِ بنِ خَالدٍ عنِ ابنِ جُرَيجٍ «أنَّهم أَرسلُوا إلى نافِعٍ يَسألُونَه: هَلْ حُسِبَتْ تَطليقةُ ابنِ عُمرَ على عَهدِ رَسولِ اللهِ ؟ قالَ: نَعَمْ» (١). ورَوَى أنَّه الَّذي كانَ يُفتِي بهِ ابنُ عُمَرَ.

وأمَّا مَنْ لَم يَرَ هذا الطَّلاقَ واقِعًا فإنَّهُ اعتَمَدَ عُمومَ قَولِه : «كُلُّ فِعلٍ أو عَملٍ ليسَ عليهِ أمْرُنا فهوَ رَدٌ» (٢)، وقالُوا: أمْرُ رَسولِ اللهِ برَدِّه يُشعِرُ بعِدمِ نُفوذِه ووُقوعِه.

وبالجُملةِ فسَببُ الاختِلافِ: هل الشُّروطُ الَّتي اشتَرَطَها الشَّرعُ في الطَّلاقِ السُّنِّيِّ هيَ شُروطُ صِحَّةٍ وإجزَاءٍ؟ أم شُروطُ كمالٍ وتَمامٍ؟

فمَن قالَ: «شُروطُ إجزاءٍ» قالَ: لا يقَعُ الطَّلاقُ الَّذي عُدِمَ هذهِ الصِّفةَ.

ومَن قالَ: «شُروطُ كمالٍ وتمامٍ» قالَ: يقَعُ، ويُندَبُ إلى أنْ يقَعَ كامِلًا، ولذلكَ مَنْ قالَ بوُقوعِ الطَّلاقِ وجَبْرِه على الرَّجعَةِ فقَدْ تَناقضَ، فتَدبَّرْ ذلكَ (٣).

ثالثًا (مِنْ أقسام الطلاقِ): طلاقٌ ليسَ بسُنِّي ولا بِدعيٍّ:

ذَكَرَ العُلماءُ أنَّ هناكَ نوعًا مِنْ النِّساءِ إذا أَوقعَ الرَّجلُ عليهنَّ الطلاقَّ فإنَّ هذا الطَّلاقَ لا يُوصَفُ بأنهُ سُنِّيٌّ ولا بأنَّه بِدعيٌّ، وإنَّما هوَ مباحٌ، وبيانُهُ فيما يلي:


(١) رواه الشافعي في «مسنده» ص (١٩٣).
(٢) رواه مسلم (١٧١٨).
(٣) «بداية المجتهد» (٢/ ٤٨، ٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>