للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالَةُ الخامِسةُ: أنْ يَكونَ مَعلومَ الابتِداءِ والانتِهاءِ مَجهولَ الوَسطِ (مُتصِلَ الابتِداءِ والانتِهاءِ مُنقطِعَ الوَسطِ):

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو كانَ الوَقفُ مُتصِلَ الابتِداءِ والانتِهاءِ مُنقطِعَ الوَسطِ، مثلَ أنْ يَقفَ على وَلدِه ثم على عَبيدِه أو على رَجلٍ مُبهمٍ ثمَّ على الفُقراءِ والمَساكينِ، أو قالَ: «وَقَفتُه على زَيدٍ وبعدَ مَوتِه بعَشرِ سِنينَ على المَساكينِ»، هل يَصحُّ أم لا؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ الوَقفَ صَحيحٌ.

قالَ الحَنفيةُ: الوَقفُ مُنقطِعُ الوَسطِ صَحيحٌ ويُصرَفُ إلى الفُقراءِ.

قالَ ابنُ عابدِينَ : لم أرَ أحَدًا مِنْ أهلِ مَذهبِنا قالَ: إنَّ المُنقطِعَ يُصرَفُ إلى الأقرَبَ للواقِفِ، وإنَّما قالوا: يُصرَفُ إلى الفُقراءِ (١).

وقالَ المالِكيةُ: الوَقفُ إذا كانَ مُنقطِعَ الوَسطِ كالوَقفِ على أولادِه ثم على مَعصيةٍ ثمَّ على الفُقراءِ فإنَّ الوَقفَ يَبطلُ فيما لا يَجوزُ الوَقفُ عليه، ويَصحُّ إذا أمكَنَ الوُصولُ إليهِ ولا يَضرُّ الانقِطاعُ؛ لأنَّ الوَقفَ نوعٌ مِنْ التَّمليكِ في المَنافعِ أو الأعيانِ، فجازَ أنْ يَعُمَّ أو يَخُصَّ كالعَواري والهِباتِ والوَصايا (٢).


(١) «حاشية ابن عابدين» (٤/ ٤٣٠، ٤٣١)، و «تنقيح الفتاوى الحامدية» (٢/ ٣٩٤، ٣٩٥).
(٢) «الذخيرة» (٦/ ٣٣٩)، و «الفواكه الدواني» (٢/ ١٦٢)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٨٤)، و «حاشية الصاوي» (٩/ ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>